أحلام قد تبدو مستحيلة

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 12 مارس 2012 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

يندر أن يخلو منزل مصرى من أثر مر لذلك الفيروس الضارى الذى يفتك بخلايا كبد المصريين. ظل فيروس التهاب الكبد «سى» لأمد طويل لغزا محيرا للعلم والعلماء. لا أحد يدرك كنهه أو يمكنه وصفه بدقة نظرا لقدراته الخارقة على التلون والتخفى والتحور. فيروس يسبب التهابا لخلايا الكبد ويلحق بأنسجته دمارا يبدأ بتحويل الخلايا الحية إلى ألياف لا نبض فيها أو حياة وينتهى بنشاط سرطانى يأتى على الأخضر واليابس.

 

ظل مجهول الهوية يلقب بـ«لا هذا ولا ذاك» نظرا لتكوينه الذى لا يعرف الاستقرار بين صفات قرينية، فيروس «ايه» و«بى» إلى أن حاصره عالم الفيروسات الكندى مايكل هوتن فأعلن عن اكتشافه ومنحه اسمه الذى يعرف به الآن «سى» عام 1989. لم يكتف بهذا فأعلن بعد جهد استغرق سنوات لاحقة اكتمال صيغة لقاح يقى من الإصابة به، الأمر الذى يعلن عن قرب نهاية ذلك الوباء اللعين وانحسار شروره من على الكرة الأرضية.

 

تحقق أحد الأحلام المستحيلة، فهل يمكن أن يتحقق حلم آخر مستحيل يلاحق خيال كل المصريين فى الصحوة والمنام.

 

هل يمكن أن يقبل مايكل هاوتن بعد أن استكمل مراحل بحثه العلمى الأولية أن يجرى النهائية منها أو جزءا منها فى مصر؟

 

قد يبدو السؤال ساذجا يخلو من حسابات الأرباح الخرافية التى تنتظرها الشركة العالمية التى تولت الانفاق على أحداثه الباهرة. لكن بلادنا تأتى على رأس قائمة البلاد التى يتوطنها فيروس «سى». وللفيروس ملامح مصرية خالصة سواء فى سبل انتقال العدوى أو ظروف تطور المرض وعدد الحالات الكامنة وأنواع الأمراض المصاحبة وطرق التشخيص المتاحة والعلاج الذى يعد مشكلة قومية. والنسب العائلى لفيروس «سى» المصرى الذى ينتمى للسلالة الرابعة وإن كانت أصوله تمتد للحقبة القومية للبلهارسيا التى امتدت بين السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات.

 

الواقع أن ملف فيروس التهاب الكبد «سى» فى مصر قد يشكل أهمية خاصة لدكتور هاوتن قد تعجل بنتائج إيجابية تختصر السنوات الخمس التى حددها والتى بعدها سيتوافر اللقاح لاستخدام الإنسان فى كل مكان.

 

هل لنا أن نحلم بأن نكون جزءا من التجربة وبالتالى جزءا من النتائج، الأمر الذى يضمن اتاحة حق حصول المصريين على اللقاح الواقى دون أعباء مادية تثقل كاهل ميزانية الوطن فى سنواته العجاف؟

 

أحيانا تبدو الأحلام مستحيلة لكنها دائما قابلة للتحقيق متى انعقدت النية واستنهضت الهمم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved