لا تلوموا القضاء.. بل لوموا أنفسكم

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 12 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

هل هناك تشابه بين محمد مرسى ومحمد حسنى مبارك؟!.

 

نعم والتشابه هو أن القضاء يلعب الدور الأكبر فى السياسة وليس التفاعلات الطبيعية لقوى المجتمع.

 

سؤال آخر: هل هذا يعيب القضاء أم يعيب الساسة؟!.

 

اللوم الأكبر ينبغى أن يوجه لأهل السياسة لأنهم عندما يفشلون فى التوصل إلى توافقات سياسية، فإن يفتحون الباب للقضاء لإعادة المسار المعوج إلى طبيعته.

 

أسوأ شىء أن يسارع بعض أنصار التيار الإسلامى لإعادة اتهام القضاء بأنه منحاز ضدهم.

 

المؤكد أن هناك مشاكل كثيرة فى القضاء، وأن جزءا منه لم يكن سعيدا بنجاح الثورة، وأن بعض القضاة ليسوا فوق مستوى الشبهات، لكن المؤكد أيضا أن مؤسسة القضاء لاتزال متماسكة ولديها قدرة على العمل والانتصار للقانون.

 

لمن لديه أى شكوك نذكره بأن القضاء الإدارى تحديدا لعب دورا بارزا فى اصدار أحكام تاريخية فى اخر أيام مبارك.

 

هذا القضاء هو الذى الغى الحرس الجامعى، وأبطل صفقات بيع العديد من المؤسسات العامة فى اطار الخصخصة وابطل بيع الغاز لإسرائيل.

 

مثل هذا القضاء لا يمكن وصفه بالفلول، وهؤلاء المستشارون العظام فى مجلس الدولة ينبغى أن نرفع لهم القبعة تحية واحتراما.

 

فى ايام مبارك وعندما تجمد النظام ورفع شعار «استقرار القبور» ورفض تأسيس الاحزاب، فإن القضاء هو الذى اصدر احكاما بتأسيس معظم الاحزاب.

 

بعض المنتمين للإخوان بدأوا يغمزون ويلمزون ضد حكم محكمة القضاء الإدارى بإحالة قانون الانتخاب إلى المحكمة الدستورية العليا، ملمحين إلى شبهة سياسية وراء صدور الحكم، وإلى هؤلاء نقول إن الله أعلم بالنوايا، لكن وقبل أن تلوموا الآخرين عليكم أن تلوموا انفسكم، وتسألوا أنفسكم سؤالا واحدا: لماذا لم تصنعوا قانونا يتفق مع «أصول الصنعة»، ومع الدستور الذى وضعتموه؟.

 

كنتم تتهمون المحكمة الدستورية العليا بأنها مسيسة وبأنها تتربص بكم وتريد إنهاء حكمكم، ففصلتم لها مواد خاصة فى الدستور وصلت إلى حد ابعاد شخص محدد هو المستشارة تهانى الجبالى، ألغيتم الرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية على القوانين، وفصلتم كل شىء، فلماذا فشلتم فى وضع قانون سليم؟.

 

وإلى مثل هذه العقلية المنغلقة والمتحجرة والتى تبرر فشلها الدائم بالمؤامرة، عليها أن تتذكر انه فى اللحظة التى لا تستطيع ايجاد علاقات سياسية سليمة قائمة على توازنات الواقع السياسى القائم على العدل، فإن القضاء هو الملجأ الأخير للناس.

 

واذا لم يحدث ذلك فعلى أنصار التيار الدينى ألا يغضبوا، بل يلوموا أنفسهم ويتعلموا الا يكرروا الأخطاء بنفس الوتيرة مرة تلو الأخرى.

 

تخيلوا لو أن أعضاء مجلس الشورى كانوا وضعوا قانونا سليما من البداية ولو لم «يتفذلكوا» ويضيفوا كلمات إلى القانون بعد أن راجعته المحكمة الدستورية، إرضاء للجماعات الاسلامية، وتخيلوا لو أن رئاسة الجمهورية أعادت القانون إلى المحكمة، حتى يطمئن قلبها.

 

لو أن أيا من ذلك قد حدث ما كنا قد وصلنا إلى هذه الحالة.

 

لو كنت مكان اللجنة القانونية فى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ورئاسة الجمهورية لعكفت على دراسة العلاقة بين السياسة والقضاء فى عهد مبارك، وكيف تحولت مؤسسة القضاء إلى المنظم الفعلى للحياة السياسية.

 

عندما سينتهى حكامنا الجدد من دراسة هذا الملف سوف يكتشفون أن دور القضاء يتزايد ويعلو ويزدهر عندما تتجمد الحياة السياسة، ويعتقد الحكام أن «الفهلوة والطلسقة والبلطجة القانونية» يمكن أن تستمر.

 

بعد مسلسل القرارات والقوانين الفاسدة والخاطئة صار لزاما على جماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة أن تعيد النظر فى إدارتها القانونية لأن منطق التجريب المتبع يهدد الوطن بأكمله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved