قولوا «لا» لكن لا تقاطعوا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 12 ديسمبر 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

ماهو الأفضل سياسيـًا للمعارضة المصرية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ.. أن تقاطع الاستفتاء على الدستور أم تحشد قواها للتصويت بكلمة «لا»؟!.

 

تقديرى الشخصى ــ الذى أرجو الا يغضب بعض أصدقائى ــ أن الذهاب والمشاركة فى الاستفتاء والتصويت بـ «لا» أفضل كثيرا من المقاطعة.

 

بالطبع لدى انصار المقاطعة أسباب كثيرة وبعضها وجيه، لكن فى السياسة انت تفاضل دائما بين السىء والأسوأ، وليس بين الخير والشر.

 

الأمر ببساطة شديدة انه فى حال اتخذت قوى المعارضة قرارا نهائيا وقاطعت الاستفتاء، فإن ذلك هو أفضل قرار يتمناه تيار الإسلام السياسى، لأنه ببساطة سيعفيه من بذل أى مجهود من أجل تمرير مشروع دستور يقول معارضوه انه يكرس لمفهوم دولة الاخوان.

 

لدى قيادات إخوانية وسلفية مخاوف حقيقية من تصويت المواطنين بـ «لا» ،أو تمرير المشروع بنسبة تقل عن 60٪ لأسباب متعددة، أهمها احساس قطاعات شعبية كثيرة أن أحوالهم المعيشية لن تتغير كثيرا عن أيام حسنى مبارك.

 

هذا القلق الإخوانى كان الدافع الرئيسى للمسارعة بتجميد زيادة الضرائب على نحو خمسين سلعة بعد أقل من 24 ساعة من اصدار مرسى للقرارات.

 

وبالتالى خشى الإخوان أن يكون توقيت هذه الزيادات  هوالقشة التى ستطيح بالدستور وبمجلس الشعب المقبل معا.

 

 إذا قاطعت المعارضة الاستفتاء، فإن الدستور سيتم تمريره، ووقتها سيكتسب قوة دفع على أرض الواقع، وقد تضطر المعارضة للتعامل  مع آثاره، ووقتها سيقول الإسلاميون ــ وهذا حقهم ــ إن الشعب وافق على الدستور وعلى الجميع احترام كلمة الشعب، وتاليا ستكون هناك فسحة زمنية للإخوان من أجل تمرير مشروعهم منفردين.

 

فى المقابل، إذا حشدت المعارضة جماهيرها وانصارها فى كل مكان واقنعتهم بالمشاركة فى الاستفتاء والتصويت بـ «لا» فإن ذلك سيحقق عدة أهداف: أولها ــ ورغم صعوبته ــ الا انه  ليس مستحيلا، ويتمثل فى اسقاط مشروع الدستور، والثانى عدم تمريره بأغلبية مريحة مما سيلقى عبئا كبيرا على الرئيس محمد مرسى وحزب الحرية والعدالة.

 

والثالث أن يكون هذا الحشد فرصة ذهبية للمعارضة كى تعرف حجمها الحقيقى على الأرض، مما سيعطيها فرصة كبيرة قبل الذهاب للمشاركة فى انتخابات مجلس النواب المتوقعة بعد شهور قليلة.

 

وهناك خيار آخر كنت أتمنى أن تلجأ إليه المعارضة ويتمثل فى الدمج بين أكثر من سيناريو وخلاصته أن تشارك وتدعو أنصارها الى التصويت بـ «لا» وفى الوقت نفسه تدخل فى حوار جاد مع مؤسسة الرئاسة حول آفاق المستقبل، ويتفق الطرفان على الوثيقة الخاصة بالمواد الخلافية فى الدستور لإقرارها فى حالة الموافقة على الدستور، أما إذا تم رفض التصويت بفعل حشد المعارضة، فإنه يحق للأخيرة وقتها المطالبة بدستور يكتبه الجميع فعلا.

 

أعلم أن مفاوضات من خلف الكواليس جرت وتجرى بين مؤسسة الرئاسة ــ مفوضون بالحديث نيابة عنها ــ وبين بعض الشخصيات القيادية فى جبهة الإنقاذ، ويتمنى المرء أن تكلل هذه الجهود بالنجاح لسببين رئيسيين. أولهما، التوصل الى حل وسط يستجيب لبعض مطالب الطرفين.

 

والثانى نزع فتيل لغم سينفجر فى وجه المجتمع بأكمله وقد يقود الى عواقب لا يعلمها إلا الله. وفى كل الاحوال ينبغى على الجميع  إدراك أن مصر بلد الجميع وليس لطرف دون آخر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved