ماذا بعد اغتيال القدس؟ استراتيجية العمل فى المرحلة المقبلة

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 12 ديسمبر 2017 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع جريدة المجد الإلكترونية الأردنية مقالا للكاتب «لبيب قمحاوى» جاء فيه، تدور أحاديث شعبية عربية وفلسطينية بعضها هامس وبعضها صاخب تُدين معظم الزعماء العرب بمن فيهم القيادة الفلسطينية على ما وصلت إليه الحال وعلى كون معظمهم إما يعلمون مسبقا أو أنه قد تم إبلاغهم من قِبَل الرئيس الأمريكى ترامب قبل أن يعلن قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيونى. وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذا الافتراض، إلا أن الحقيقة تبقى أنه يعكس شكوكا شعبية جماهيرية عربية عميقة ومُبَررة إلى حدٍ كبيرٍ تتعلق بالأمانة السياسية لحكامهم واستقلال إرادتهم وقدرتهم على حماية مصالح وثوابت شعوبهم.

إن مرحلة ما بعد «اغتيال القدس» على يد رئيس الولايات المتحدة ترامب يجب أن ترتقى موضوعيا إلى مستوى الأخطار المتزايدة. وهذه المرحلة يجب أن تتسم بالوضوح والشجاعة اللازمين لوضع مسار جديد وأهداف واضحة. وانطلاقا من ذلك، فإن برنامج العمل للمرحلة القادمة والمستقبلية يجب أن يستند إلى الحقائق التالية:

أولا: إعادة التأكيد أن الولايات المتحدة ليست وسيطا محايدا ولن تكون كذلك أبدا، وهى منحازة استراتيجيا لإسرائيل انحيازا كاملا. كما أن إسرائيل لا تريد ولا ترغب فى أى تسوية سياسية مع الفلسطينيين تتضمن أى شكل من أشكال الانسحاب من أى بقعة من فلسطين.

ثانيا: الإعلان عن سقوط نهج المفاوضات والتسوية السياسية مع الاحتلال الإسرائيلى. فضمن مُحدَدات معادلات القوة السائدة حاليا فإن ذلك النهج لن يؤدى إلى أى مكسب للفلسطينيين بل سيؤدى إلى خدمة الاحتلال وشرعنَتِهِ.
ثالثا: الإعلان عن سقوط جميع القيادات الفلسطينية المرتبطة بنهج مفاوضات السلام واستقالة أو إقالة جميع القيادات والمسئولين الفلسطينيين الذين آمنوا بذلك النهج وربطوا حياتهم السياسية به وطفوا على سطح الأحداث والقيادة بحكم إيمانهم بذلك النهج.

رابعا: ربط الإعلان بسقوط نهج المفاوضات والتسوية السياسية بإلغاء كل ما تمخض عن ذلك النهج من اتفاقيات ومؤسسات بما فى ذلك اتفاقيات أوسلو والسلطة الفلسطينية نفسها بكل مؤسساتها خصوصا الأمنية والمتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلى.
خامسا: الإعلان عن عودة منظمة التحرير الفلسطينية قائدة للنضال الفلسطينى وتأكيد نهجها النضالى الأصلى واستمراريته كمدخل وحيد ورئيسى للعمل الفلسطينى وكما ورد فى الميثاق القومى الفلسطينى، خاليا من أى تعديلات قد طرأت عليه، والاعلان بالتالى عن فك أى ارتباط بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بما فى ذلك أى قيادات مشتركة أو ارتباطات تنظيمية أو مؤسسية.

سادسا: مطالبة حركة فتح وكل الفصائل الفلسطينية بتطهير نفسها والتخلص من القيادات والعناصر المؤمنة بنهج التسوية السياسية والمفاوضات والتعاون مع سلطات الاحتلال، واعتبارهم خارج إطار المصلحة الفلسطينية والمستقبل الفلسطينى دون أن يعنى ذلك تخوين أحد بقدر ما يعنى التأكيد على فشل النهج الذى يؤمنون به.

سابعا: اتخاذ قرار عربى مُلزم صادر عن مؤتمر قمة استثنائى باعتبار إسرائيل العدو الأكبر والأساسى ورفض أى مسار بإمكانية التحالف معها ضد أى دولة أخرى مهما كان السبب. فخطر إسرائيل على العرب ومستقبلهم هو أكبر من أى خطر آخر، وبالتالى اعتبار أى مبادرات عربية فى اتجاه فرض أو تسويق نهج التسويات السياسية لاغية، بما فى ذلك مبادرة السلام العربية، وسحبها جميعا من التداول علما بأن إسرائيل قد ضربت بها عرض الحائط أصلا.

أما أهداف برنامج العمل للمرحلة المقبلة فيجب أن تسعى للوصول إلى ما يلى:

أولا: الهدف السامى فى التحرير والتخلص من الاحتلال، وإلى أن يتم ذلك العمل على تقويض أركان نظام التمييز العنصرى القائم ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال.

ثانيا: اعتبار المسئولية الأساسية والأولى للوصول إلى هدف التحرير هى مسئولية الفلسطينيين تحت الاحتلال واعتبار مسئولية باقى الفلسطينيين فى المهجر وكذلك العرب والمجتمع الإسلامى والمسيحى والإنسانى مسئولية مُسانِدَة وداعمة دون أن يعنى ذلك تملُك الحق فى تقرير أى حل سياسى للقضية الفلسطينية وفرضه على الفلسطينيين.

ثالثا: اعتبار أى نهج نضالى يختطه الفلسطينيون تحت الاحتلال نهجا مشروعا ومنسجما مع الحق المشروع للشعوب الواقعة تحت الاحتلال فى مقاومة ذلك الاحتلال والسعى إلى التخلص منه. وفى هذا السياق فإن الفلسطينيين تحت الاحتلال مطالبون بالتخلص من إرث ومفهوم «الاحتلال الهادئ والمنضبط» والذى فرضته القيادات الفلسطينية السابقة كثمن لاتفاقيات أوسلو.

رابعا: إن إسقاط القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الاحتلال، وعلى خطورته، يجب أن لا يعتبر هدفا وحيدا للنضال فى المرحلة المقبلة. الهدف يجب أن يُرَكَز على إلغاء الاحتلال بكل الوسائل المتاحة. وعلى أى حال، وانطلاقا من شرعية القرارات الدولية والمبدأ القانونى الذى ينص على أن «ما بُنى على باطل فهو باطل» فإن القرار الأمريكى يعتبر باطلا فى أصوله.

هذه بعض المؤشرات التى يجب أن تكون نِبْراسا هاديا للجميع فى المرحلة المقبلة. إن تَملُك الشجاعة للاعتراف بالخطأ أمر أساسى للنجاح فى الانتقال إلى مسار جديد قد يكون أكثر فاعلية. هذا ما يتوجب على الفلسطينيين فعله وعلى العرب فهمه واستيعابه.

المجد ــ الأردن

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved