هل تكفى الجوائز لاختيار أفضل لاعب فى التاريخ؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 13 يناير 2016 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

مارادونا مازال بطل الأرجنتين.. ويتقدم على ليونيل ميسى بكراته الذهبية الخمس
الإسكندر الأكبر كان قائدا عبقريا.. وكذلك الفيلد مارشال مونتجومرى والمهزوم رومل

أرقام الرياضى فى الزمن والمسافة والوزن تصلح معيارا فى اللعبات الفردية.. وقدر الإبداع يحكم الإختيار فى اللعبات الجماعية

كل زمن له نجومه وأبطاله.. والمقارنة بين أجيال فى ظروف مختلفة لاتصلح
** الجوائز لا تكفى لتحديد الأفضل فى التاريخ. هى دلالة، لكنها ليست معيارا دقيقا، خصوصا حين تتدخل فى منحها وتوزيعها أحيانا شركات ورعاة، كما حدث مع ميسى فى بطولة كأس العالم 2014، حين اختير أفضل لاعب فى المونديال، وهو لم يكن يستحق اللقب، وهو نفسه يدرك ذلك.. كما أنه لا يوجد أفضل فى التاريخ، فعلى الرغم من ألقابه الخمسة فى تاريخ جائزة الفيفا للكرة الذهبية فمازال الجمهور الأرجنتينى يرى مارادونا أعظم لاعبى البلاد، وهو لم يفز بالكرة الذهبية حين لعب فى أوروبا، ولم يفز بها بيليه أيضا لأنها كانت مقصورة على الأوربيين، فهل تصلح الجائزة بذاتها لأن تكون معيارا لاختيار الأفضل فى التاريخ؟!
** الإجابة المباشرة: لا.. إلا أن الصحفى الإنجليزى بارنى روناى كتب فى الجارديان قبل ثلاثة أيام مقالا أوحى فيه، بدون أن يقطع، بأن ميسى هو الأفضل فى التاريخ، وتراجع قليلا فى الحسم، بسبب صعوبة المقارنة بين الأجيال والأزمنة والظروف المختلفة.. لكننى أقطع، بأن الأفضل فى التاريخ، اختيار مستحيل. ليس فى ساحات اللعب فحسب، وإنما فى ساحات الحرب أيضا. وفى كل ساحة، الفنون، والعلوم، والثقافة.. يعنى الإسكندر الأكبر كان عبقرى زمنه فى حروبه، والفيلد مارشال مونتجمرى كان عبقرى عصره. ورومل المهزوم فى معركة العلمين، كان قائدا عبقريا أيضا.. وعلى سبيل المثال لهواة المقارنات بين الأجيال يعد الشيخ محمد عبدالرحيم المسلوب رائد الأغنية المصرية، وعاش 128 سنة، فهل هو أفضل بحكم الريادة من سيد دوريش العبقرى، أو أم كلثوم التى أطربت العالم العربى فى زمنها، أو هو أحسن من عبدالوهاب فى تاريخ الغناء، أم يا ترى تصلح تواشيحه الرائدة لزمن منير وعمرو دياب؟!
** وأزيد بأنه عندما أراد العالم اختيار أحسن اختراع فى القرن العشرين، وهو اختيار يتعلق بقرن واحد، وبمائة عام من عمر البشرية الذى يقدر بملايين السنين والله أعلم، كان الاختيار عجيبا، وهو: المرحاض. وليس مكوك الفضاء، أو الطاقة النووية، أو حتى دواء الإسبرين الذى لم تتغير تركيبته منذ أكثر من مائة عام؟!
** ولكن بدون شك يتوج ميسى على رأس قائمة أحسن لاعبى كرة القدم فى تلك الفترة من القرن الحادى والعشرين، لكنه لا يتوج ويجب ألا يتوج على رأس جميع اللاعبين فى كل العصور، فكيف يتوج على بيليه ومارادونا وجارينشا، ودى سيتفانو وكرويف؟ يرى البعض ميسى بطلا ولاعبا متوجا فى رأى الكثير من الجماهير والنقاد والخبراء والإعلاميين لكل العصور والأزمنة.. ولا أستطيع أن أراه كذلك. فلكل زمن نجومه وأبطاله. خاصة أن كرة القدم لعبة متغيرة. وزادت درجة صعوبتها. لكنها كانت صعبة حين ركل الإنسان الأول كرة مصنوعة من مثانة الخنزير، وكانت صعبة حين لعبت بأحذية ثقيلة أو خشبية، وكانت اللعبة صعبة فى بدايات اكتشاف المطاط، وذلك حين نال تشارلز جوديير براءة اختراع كرة من المطاط المقوى عام 1855.. كانت للعبة فى كل زمن وأى زمن درجات صعوبة. ووصلت إلى صعوبة التكتيك، ومعدلات اللياقة والجرى وضيق المساحات..
** هل الصورة واضحة؟..
ألم تعد الكرة ذاتها بالونة سريعة، تمنح التسديدة قوة وسرعة. وباتت الأحذية خفيفة، والأرض ملساء، والملابس أخف وزنا، واللعب الجماعى عاملا مساعدا للإبداع الفردى. ولاحظ أن ميسى نفسه، أفضل تجسيد، لظهور قدرة الفرد وسط أداء جماعى مميز، ولذلك هو مع برشلونة ليس كما هو مع منتخب الأرجنتين..
** مازلت عند رأيى فى موضوع تقدير قدرة اللاعب ومنحه الجائزة.. فهى لميسى ثم نيمار ثم سواريز، وذلك ليس تصلبا فى الرأى، وإنما إيمانا بأن الرقم والزمن والمسافة والوزن، هو الإنجاز الأول فى اللعبة الفردية والرقمية. وهو المعيار الأول، لأن مساحات الإبداع تتنوع وربما تكون محدودة بتحطيم رقم قياسى عالمى على سبيل المثال.
** فى اللعبات الجماعية، بما فيها الطائرة والسلة واليد، الأمر مختلف فلابد من اعتماد قدر المهارة والإبداع والابتكار، وجمال الأداء، والمفاجأة، التى تنزع آهات الإعجاب. وهكذا مازلت أضع نيمار بعد ميسى للإبداعات التى قدمها اللاعب البرازيلى، وأضع الذئب سواريز قبل رونالدو.. لأن أهداف سواريز حسمت مباريات وبطولات وألقابا لبرشلونة، ومن المفارقة أن ميسى منح الكرة الذهبية استنادا على فوزه بخمسة ألقاب أولا بجانب دوره فى إحرازها.. فأين دور سواريز وإبداع نيمار هنا فى إحراز الألقاب الخمسة.. واين دور إنيستا؟!
** أنتهى بالقسم: «والله مفيش حاجة بينى وبين رونالدو، ده حتى حبيبى من أيام الجيزة!»

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved