علينا الاستعداد لنهاية «فلوس الخليج»

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 13 يناير 2018 - 8:40 م بتوقيت القاهرة

اليوم الذى ستنتهى فيه ظاهرة «فلوس الخليج» يقترب بأسرع مما نتصور.. فهل هناك أى استعدادات لهذا اليوم؟!.

بوضوح أدعو كل مؤسسات الدولة والحكومة والمجتمع إلى البحث والدراسة والتفكير الجدى فى هذا اليوم القريب، حتى لا نتفاجأ كالعادة، ونبدأ فى العويل ولطم الخدود وشق الجيوب!.

فى أول يناير الماضى بدأت السعودية والإمارات تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على غالبية السلع والبضائع والخدمات، لمواجهة الانخفاضات المستمرة فى أسعار النفط طوال السنوات الثلاث الماضية. ويفترض أن تطبق بقية دول الخليج هذه الضريبة بعد عام من الآن.

البلدان الإمارات والسعودية قالتا إنه لن تكون هناك ضريبة على المعيشة أو الدخل، فى الوقت الراهن، لكن التقديرات لا تستبعد حدوث ذلك بعد عام أو عامين على مواطنى البلدين والأهم على الوافدين. كما أن غالبية بلدان الخليج رفعت أسعار الوقود، بسبب ما تعانيه من أزمات اقتصادية متنوعة.

قرار تطبيق القيمة المضافة سيؤثر على مشتريات العمالة المصرية من البلدين أو السلع التى يرسلونها لمصر، بحكم أنها كانت رخيصة نسبيا لعدم وجود ضرائب عليها.

السعودية لم تطبق ضريبة القيمة المضافة فقط، بل أيضا فرضت رسوما على العمالة الوافدة بنسبة 400 ريال شهريا، إضافة إلى دفع رسوم قدرها 200 ريال عن كل مرافق للعامل أو الموظف.

خبراء الاقتصاد يقولون إن هذا القرار تحديدا، سيدفع بعض المصريين المقيمين فى السعودية للعودة، أو على الأقل الاستمرار من دون أسرهم، وبالتالى فهناك توقعات ببدء انخفاض تحويلات المصريين فى الخارج.
هذه التحويلات ــ التى سجلت رقما قياسيا عام 2017 وبلغت اكثر من 26 مليار دولار، بسبب قرار تعويم الجنيه ــ تمثل رقما مهما فى العملة الأجنبية التى تصل مصر يشكل المصريون فى السعودية نسبتها الأكبر.

أحد الأمراء أو الشيوخ الخليجيين وعندما كان هناك حديث عن الأموال التى يحولها العاملون لبلدانهم، قال لمن حوله: «لا تقلقوا»، وأمسك بحفنة من الرمال فى يديه، كانت تتسرب ببطء من يديه إلى الأرض. ثم أضاف: «الأموال التى يحصل عليها الوافدون مثل الرمال بين يدى، سوف يأخذونها منا من هنا، لكن سوف نستردها مرة أخرى قبل أن يغادروا البلد!!!».

هذا الأمير لم يكذب، لأن هناك رسوما يتم فرضها فى معظم بلدان الخليج كل يوم على العمالة الوافدة تحت مسميات مختلفة وبعضها مضحك وكوميدى ومكشوف.

هناك متغيرات متسارعة لابد من رصدها، وهى أن الغرب خصوصا الولايات المتحدة يبدو أنه قرر «حلب أو استحلاب» ثروات الخليج واستنزافها حتى آخر درهم أو ريال. هذا الأمر كان يحدث فى الماضى بطرق ناعمة ومستترة، الآن يتم بكل صفاقة وفجاجة وبجاحة و«على عينك يا تاجر»!

الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قال بوضوح فى حملته الانتخابية قبل أكثر من عام: «إنهم ــ فى الخليج يقصد ــ لابد أن يدفعوا لنا مقابل حمايتنا لهم!!!»، وذهب إلى الرياض والتقى بكل قادة العالم الإسلامى فى مايو الماضى، وعاد محملا بصفقات تصل إلى نصف تريليون دولار. وعندما بدأت الأزمة بين دول الخليج وقطر، استفادت أمريكا بتوقيع صفقات عسكرية واقتصادية مهولة مع الجانبين، وهو ما فعلته بريطانيا وفرنسا وتركيا وإيران أيضا.

وتمارس واشنطن ابتزازا واضحا ضد السعودية عبر ما يسمى بقانون «جاستا» أو «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، وتهدد به كل استثمارات السعودية فى أمريكا.

فى المقابل يسعى الغرب والشرق معا إلى تقليل الاعتماد على النفط العربى عبر الاكتشافات المختلفة أو الغاز والنفط الصخرى أو إغراق المنطقة فى صراعات مذهبية وطائفية وعرقية، بحيث تعود أموال النفط العربية للغرب مقابل صفقات السلاح أو إتاوات الحماية. النتيجة النهائية أن صورة الخليج كمستقبل للعمالة الكثيفة خصوصا من مصر، قد تتغير خلال فترة ستأتى ربما بأسرع مما نتخيل.. فماذا نحن فاعلون؟!

علينا أن نفكر بهدوء، ونستعد، ونبحث عن طرق جديدة لاستثمار الطاقات والخبرات الكثيرة التى تملكها عمالتنا البشرية، علينا أن نبحث عن أسواق جديدة، والأهم ان نفكر فى كيفية كسر هذا الطوق، حتى لا نتفاجأ به يحدث قريبا من دون استعداد، وبعدها نبدأ فى البكاء كالعادة على اللبن المسكوب؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved