مواجهة اليد القمعية

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: السبت 13 فبراير 2016 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

لا سبيل لغل اليد القمعية للأجهزة الأمنية سوى عبر مواجهتها بالاحتجاجات السلمية فى كل مساحة خاصة أو عامة تنتهك بها حقوق وحريات المصريات والمصريين.

اليوم، تقدم نقابة الأطباء نموذجا مبهرا لمثل هذه المواجهة يجمع بين الاحتجاج السلمى على القمع ورفع مطالب واقعية ومحددة لإيقافه ومحاسبة المتورطين فيه.

اليوم، تصنع نقابة الأطباء واقعا مختلفا برفضها لعنف الأجهزة الأمنية ولتدخلاتها المستمرة فى عمل الأطباء ولاعتداءات بعض ممثليها على أطباء أثناء تأدية عملهم، واقعا مختلفا جوهره المقاومة الجماعية للقمع ووقوف مصريات ومصريين يضمهم الإطار المهنى الواحد فى تراص كامل وبفاعلية لانتزاع كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم وشرف المهنة التى ينتمون إليها.

اليوم، حرى بقطاعات مهنية وعمالية ومجتمعية أخرى أن تتراص لمواجهة اليد القمعية. هى مسئولية أساتذة الجامعات، داخل حركة ٩ مارس وخارجها، أن يحتجوا على الإجراءات القمعية التى تمارسها الأجهزة الأمنية بحق أعضاء هيئات التدريس والهيئات البحثية والتدريسية المعاونة والعاملين الإداريين والطلاب، فصلا وإيقافا عن العمل وقطعا للإجازات البحثية وطردا من الخدمة. هى مسئولية أساتذة الجامعات أن يحتجوا دون معايير مزدوجة على سلب حرية بعض زملائهم وحرمانهم من عمليات التقاضى العادلة والمنضبطة (الدكتور عبدالله شحاتة بقسم الاقتصاد، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة نموذجا).

اليوم، حرى بمنظمات المجتمع المدنى التى لم تتوقف الهجمة الأمنية عليها خلال السنوات الماضية، ولا يبدو فى الأفق المصرى قرب توقفها، تصعيد احتجاجاتها السلمية ومخاطبة المواطن فى الداخل طلبا للتضامن والتعاطف. لا تقدم لا المنظمات الدولية ولا عواصم القوى الكبرى الحماية التى يزعم الحكم فى مصر وجودها، ولا احتياج لدى المجتمع المدنى المصرى لمثل هذه الحماية حال حدوث التضامن والتعاطف الشعبى كما هو الحال مع نقابة الأطباء التى التفت حول احتجاجاتها ومطالبها المشروعة الكثير من المشاعر الشعبية بعفوية وإخلاص. مسئولية المجتمع المدنى وفاعليه هى مخاطبة الناس بشرح طبيعة وتفاصيل القمع الذى يتعرضون له فى سبيل الدفاع عن الحقوق والحريات ومحاسبة المتورطين فى المظالم والانتهاكات، ودعوتهم إلى التضامن والتعاطف.عندها ستعيد الأجهزة الأمنية حساباتها كما يحدث الآن إزاء الأطباء، أو على الأقل سيضطر الحكم إلى تحمل كلفة إضافية من فقدان الرضاء الشعبى إن استمر القمع.

وما يسجل بشأن الجامعات والمجتمع المدنى، يصلح أيضا تسجيله فى سياق العمل النقابى وجهود الطلاب والشباب لانتزاع حقوقهم وحرياتهم التى تمتهنها اليد القمعية. لا انعتاق من القمع ولا من السلطوية إلا بمواجهتهما بسلمية فى كل مساحة خاصة وعامة يحضران بها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved