حرصًا على حزب الوفد

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 13 مايو 2015 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

ما يجرى داخل حزب الوفد وحوله وبشأنه أمر فى غاية الخطورة، وينبغى على الجميع أن يهب لمساعدة هذا الحزب حتى ينهض من كبوته، حتى لو لم يكن وفديا.


شخصيا لست وفديا، لكن من مصلحة مصر وجود أربعة أو خمسة أحزاب قوية وحقيقية، تعبر عن التيارات الفاعلة فى المجتمع وتقود إلى تعددية مدنية فاعلة، وليست كرتونية، أولها حزب ليبرالى مثل الوفد ثم حزب يسارى اشتراكى، ثم حزب يمثل الوسط، وحزب يمثل المرجعية الإسلامية الوسطية.

هذا من مصلحتنا جميعا، حتى لا نتفاجأ بأن الأحزاب الدينية المتطرفة قد عادت لنا من الشباك بعد أن تم طردها «مؤقتا» من الباب.


شىء طبيعى وأحيانا صحى أن يحدث خلاف داخل أى حزب فى أى مكان بالعالم، لكن شرط أن يتم الاحتكام إلى القانون واللوائح والأعراف والقواعد والتصويت الحر الديقراطى لحل هذه الأزمات. 


وبالطبع المسائل ليست مثالية بهذا الشكل فى مصر، لأن التجربة الحزبية لدينا كلها مشوهة وتقوم على قواعد هشة وشخصية ونفعية، غالبية الأحزاب تحولت إلى واجهة أو ستارة أو جسر لبعض الحيتان وذوى النفوذ أو الذين يريدون مناصب سياسية.


ورأينا كيف لعب صفوت الشريف ممثلا لنظام مبارك دورا كارثيا فى تفتيت الأحزاب المصرية قبل ٢٥ يناير، بمشاركة أجهزة الأمن وعناصر كثيرة من داخل هذه الأحزاب، لكن عدالة السماء جعلت هذا النظام يدفع ثمن حماقته، حينما اكتشف أن تخريبه للأحزاب المدنية كان السبب الأساسى لحصول الأحزاب الدينية على أكثر من ثلثى مقاعد البرلمان عقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وسيطرتها على المشهد السياسى وعلى النقابات والجمعيات الخيرية والأهلية. 


لن نغوص أكثر فى الماضى، لكن ما يحدث فى حزب الوفد هذه الأيام ينذر بكوارث سياسية لا حصر لها، وقد لا نرى نتائجها فورا الآن لكن المؤكد أننا سنراها لاحقا.


لا أتبنى موقف أى من الأطراف المتصارعة داخل الوفد، أعرف كثيرين من أطراف الصراع، استمعت لهم وسألتهم، ولم أصل إلى نتيجة نهائية حاسمة، لكن أعتقد أن كل الأطراف مخطئة فى حق الوفد، هذا الحزب الذى كان عملاقا وممثلا للوطنية المصرية الحقة منذ ثورة ١٩١٩ وحتى ثورة يوليو ١٩٥٢.. وصل الآن إلى حالة لا تسر أى محب له أو محب للوطن. 


المطلوب من أنصار الوفد الأوفياء أن يحكموا عقولهم وضمائرهم وألا يتركوا الحزب ينهار أو يسلموه لغرباء أو طامعين أو طامحين. وفى نفس الوقت، فإنه لا يصح أن نطالب الحكومة ليل نهار بتطبيق معايير النزاهة والشفافية والتعددية وقواعد الصندوق، ثم لا نطبق هذه المعايير داخل أحزابنا. 
ليس من المنطقى ألا تكون هناك قواعد شفافة لإدارة الخلافات داخل الحزب.


ليس كل المعارضين للدكتور السيد البدوى خونة وعملاء أو مخربين، بعضهم يعشق الوفد فعلا، ويتمنى أن يراه فى أفضل حال، والأمر نفسه ينطبق على المجموعة التى تقود الحزب الآن.


بداية الحل أن يجلس كل أبناء الوفد معا من السيد البدوى إلى فؤاد بدرواى وعصام شيحة ومحمود أباظة وصلاح دياب وكل وفدى يريد فعلا للحزب أن ينهض ليتفقوا على خريطة طريق تضع الحزب على بداية الطريق الصحيح، خصوصا أن انتخابات مجلس النواب يفترض أن تتم خلال شهور قليلة. ولن يستفيد من الصراع الحالى إلا أعداء الوفد. 
ليس من مصلحة الحكومة أن ينهار حزب الوفد ــ لا قدر الله ــ وليس حتى من مصلحة بقية الأحزاب الكبرى المختلفة فكريا مع هذا الحزب. 
سقوط حزب كبير يعنى صعود قوة تطرف وإرهاب فى الجهة المقابلة. بداية الإصلاح ينبغى أن تبدأ من داخل الأحزاب نفسها. 
قلبى مع حزب الوفد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved