تداعيات الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الأربعاء 13 يونيو 2018 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

قرار رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بشأن خروج بلاده من الاتفاق النووى مع إيران تسبب بضرر اقتصادى واسع للإيرانيين. وجاء فى تقدير الاستخبارات الذى عُرض أخيرا على المستوى السياسى فى إسرائيل، أن سلسلة ردود الفعل التى أثارها القرار الأمريكى فى الشهر الماضى كانت أكبر مما جرى تقديره فى البداية.
لقد أعلن ترامب قراره قبل شهر وهدد فى المقابل بالعودة إلى فرض العقوبات الشديدة ضد صناعة النفط الإيرانية وضد الشركات الأجنبية التى تتعامل معها. ومن المفترض أن تدخل الخطوات فى هذا الشأن فى حيز التنفيذ الكامل فى مطلع نوفمبر المقبل. عدة شركات أمريكية، بينها شركة تصنيع طائرات بوينج وشركة جنرال إلكتريك، اللتان وقعتا عقودا لتزويد صناعة النفط القديمة الإيرانية بالعتاد، تستعدان لوقف استثماراتهما فى إيران.
وفى هذا الأسبوع أعلنت شركة «نايك» للمنتوجات الرياضية فى اللحظة الأخيرة أنها لن تبيع أحذية رياضية للمنتخب الإيرانى الذى يشارك فى مباريات كأس العالم فى كرة القدم التى ستبدأ يوم الخميس فى روسيا. وفى أوروبا أعلنت شركة النفط بريتش بتروليوم أنها ستجمد استثمارا مشتركا مع شركة النفط الإيرانية للتنقيب عن النفط تحت الماء قبالة سواحل اسكتلندا.
وفى مطلع يونيو أرسل وزراء من بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا ومن الاتحاد الأوروبى رسالة إلى وزراء فى حكومة ترامب طالبوا فيها الولايات المتحدة بإعفاء شركات أوروبية تتاجر مع إيران من العقوبات الأمريكية، مثل الشركات العاملة فى مجالات الطاقة والطيران والصحة. شركة الطيران الأوروبية العملاقة إيرباص وقعت عقدا بمليارات الدولارات مع إيران بعد التوصل إلى الاتفاق النووى فى سنة 2015. وشركة أوروبية كبيرة أُخرى يمكن أن تتضرر من العقوبات هى شركة توتال الفرنسية.
فى الأسبوع الماضى التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وقال له إنه لن يطلب من فرنسا الانسحاب من الاتفاق لأن الاتفاق «سيتبدد من تلقاء نفسه لأسباب اقتصادية». وبحسب كلامه، «الآن هو وقت ممارسة أقصى الضغوط على إيران. لم أضغط على ماكرون للخروج من الاتفاق، هدفنا هو أن تخرج إيران من سوريا كلها».
بحسب الاستخبارات الإسرائيلية، أملت إيران بالحصول على أرباح اقتصادية كبيرة من الصفقات التى أبرمتها مع شركات أوروبية وأمريكية فى الفترة المقبلة. لكن النظام فى طهران يواجه حاليا رحيل الشركات التى سبق أن وقعت عقودا، بالإضافة إلى توقف المفاوضات مع شركات أُخرى، بسبب الخطوة الأمريكية. يُضاف إلى ذلك ازدياد الضغط الداخلى على النظام الذى تجلى من خلال التظاهرات المتكررة للمعارضة فى عدة مدن إيرانية، وقد ركزت أغلبية هذه التظاهرات على غلاء المعيشة.
لدى الاستخبارات الإسرائيلية انطباع أن الضغط الاقتصادى المزدوج، من الداخل والخارج، يزيد الخلافات فى قيادة النظام بين المعسكر المحافظ والمعسكر الذى يُعتبر أكثر اعتدالا. وجزء من النقاش يتناول مسألة المساعدة الإيرانية الخارجية للتنظيمات الإرهابية والميليشيات فى شتى أنحاء الشرق الأوسط. وبحسب تقديرات عديدة تُحول إيران سنويا قرابة مليار دولار لتلبية هذه الحاجات، كما توزع أموالا، على جهات عديدة، بينها حزب الله، والميليشيات الشيعية التى تقاتل بطلب منها إلى جانب نظام الأسد فى سوريا، والمتمردون الحوثيون فى اليمن وتنظيمان فلسطينيان فى قطاع غزة، «حماس» وحركة الجهاد الإسلامى. يؤيد المعسكر المعتدل تقليص هذه الاستثمارات. وفى بعض التظاهرات فى إيران سُمعت شعارات ورُفعت يافطات تدين تحويل الأموال لهذه الغايات، على حساب الشعب الإيرانى.
بالاستناد إلى هذا التحليل، تشعر القيادة فى طهران أيضا بالقلق بسبب الضغط الذى يُمارَس عليها حاليا فى سوريا، من أجل التوصل إلى تسوية يجرى فى إطارها تقليص وجودها العسكرى هناك، وخصوصا فى جنوب سوريا، بالقرب من الحدود مع إسرائيل.
لقد لمحت روسيا عدة مرات أخيرا أنها مهتمة بإبعاد القوات الإيرانية على الأقل عن الحدود الإسرائيلية ــ السورية فى هضبة الجولان. الخطوات التى قام بها الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى والذى يقود التمركز العسكرى الإيرانى فى سوريا أثارت شيئا من الخلاف أيضا فى طهران، بسبب تصعيدها المواجهة مع إسرائيل.
مع ذلك، وعلى الرغم من ازدياد التطورات التى تقلق السلطات فى إيران، لا تسارع الاستخبارات الإسرائيلية إلى القول إن استقرار النظام يواجه خطرا. لقد واجهت القيادة فى طهران بصورة جيدة موجات احتجاج سابقة، بينها تلك التى حدثت فى مطلع السنة الحالية.
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى أعلنت إيران فى الأسبوع الماضى استئناف عملية زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم. لكن هذه الخطوة المتخذة ما تزال تدخل ضمن إطار القيود التى حددها الاتفاق ولا تشكل خرقا له. ويبدو أنها نوع من عمل دعائى فى مواجهة الدول الأوروبية التى وقعت الاتفاق، وليس كمقدمة لانسحاب إيرانى منه.
مراسل عسكرى
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved