قبل انجرار السعودية وإيران للمستنقع

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 13 نوفمبر 2017 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

أخشى أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل يجران السعودية وإيران جرا إلى معركة استنزاف طويلة سيخسر فيها الطرفان ومعهما كل الأمة العربية والإسلامية.

تاريخ أمريكا حافل فى هذا الصدد. هى ومعها بعض دول الخليج زينت للعراق الدخول فى حرب مع إيران عام ١٩٨٠، بعد شهور قليلة من قيام الثورة الإيرانية فى فبراير عام ١٩٧٩.

هذه الحرب استمرت ثمانى سنوات، وانتهت عمليا بخسارة البلدين وسقوط ملايين القتلى والجرحى وخراب ودمار بلا حدود.
توقفت الحرب عام ١٩٨٨، وخرج البلدان مستنزفان، لكن وبعدها بأقل من عامين قرر صدام حسين غزو الكويت.

قبل أن يتخذ قراره استمزج رأى الإدارة الأمريكية التى أعطته إشارات بأنها لن تمانع إذا سيطر على الكويت. وكلنا يتذكر اللقاء الشهير بين صدام حسين والسفيرة الأمريكية فى بغداد ابريل جلاسبى، التى جعلت صدام يعتقد أن واشنطن لا تعارضه فى غزوه للكويت الذى تم فى ٢ أغسطس ١٩٩٠.

وكلنا يعرف ماذا حدث بعدها؟! حيث تم إخراج العراق بالقوة وحصاره واستنزافه ثم غزوه، وإخراج كل «عفاريت جهنم» لتعيث فيه فسادا، وقتلا وتخريبا وتطرفا خصوصا «صناعة داعش»، والنتيجة النهائية لكل هذا السيناريو الكابوسى هى تدمير العراق وتفتيته وإغراقه فى مؤامرات وحروب لا تتوقف، وتسليمه بكل سهولة ليكون أقرب ما يكون إلى محافظة إيرانية.

هل معنى ذلك أن الحرب العراقية الإيرانية، والغزو العراقى للكويت كان مؤامرة أمريكية فقط؟! الإجابة هى لا، ويتحمل صدام حسين وقادة الثورة الإيرانية المسئولية الأساسية، لكن دور واشنطن كان المسهل والداعم والمحرض، بل أن إسرائيل أمدت إيران عبر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالأسلحة فى الفضيحة الشهيرة بـ«إيران ــ كونترا جيت»، وكانت «السى آى إيه» تزود الطرفين المتحاربين بصور الأقمار الصناعية للطرف الآخر حتى يدمرا بعضهما البعض.

أطرح كل ما سبق حتى نفكر بهدوء لماذا لا نتخيل وجود تفكير أمريكى إسرائيلى مع بعض الأطراف الأوروبية والإقليمية لإغراق المنطقة فى حرب جديدة، بعد أن أوشكت «فقاعة داعش» على الانفجار؟!

يخيل إلى أحيانا، أن هناك إصرارا غربيا على ألا تفيق المنطقة من الصدامات والاشتباكات والحروب لتظل حقل تجارب للأسلحة الغربية، وإلهاء العرب والمسلمين فى دوامة العنف والتطرف والفقر والجهل.

مرة أخرى لا أتبنى نظرية المؤامرة، ورأيى الواضح أننا كعرب ومسلمين نتحمل الجانب الأكبر مما يحدث لنا، بل وننفذ مهمات خصومنا وأعدائنا مجانا!

ولذلك أناشد القيادة السعودية والإيرانية وكل الاطراف ذات الصلة، إلى التفكير والتدبر قبل أن ينجرفا إلى صدام، سيجر معه المنطقة إلى دوامة لن ينجو منها أحد.

قد يندلع الصدام لأى سبب، أو شرارة فى اليمن أو لبنان أو أى منطقة، وإذا حدث ذلك ــ لا قدر الله ــ فقد يستمر سنوات وسنوات، بحيث يستنزف الغرب بترول المنطقة وثرواتها المتراكمة ويقضى على الأسلحة الإيرانية التى تهدد إسرائيل لتصبح الأخيرة هى القوة الأساسية الوحيدة فى المنطقة. 

أتصور أن البيان المصرى الذى خرج يوم الجمعة الماضى، كان فى ذهنه كل المعانى السابقة، من دون أن يذكرها صراحة للاعتبارات والدواعى الدبلوماسية. وعلى مصر أن تواصل مساعيها حتى يتم نزع هذا الفتيل، لأن انفجاره سيعنى مزيدًا من الحصار لمصر ودورها.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved