بين الجنون والنوارس

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الأحد 14 يوليه 2019 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

عن إعادة التعريف بكل ما نأخذه كمسلّمات يومية فى حياتنا تحدثنا.. عن مفهوم الوفاء والعشق والحب وما يعنيه كل ذلك فى هكذا زمن! حقيقة عجزت ككثير من الآخرين عن إيجاد وصف لهذه المرحلة فقررت أن أترك النقط فيملئ السامع أو القارئ الفراغ!

***
عن تعريفات مثل الحب مع رجل يتسلى بعدد من النساء فيسمى «فحل»، وامرأة تحب رجلا خارج تلك المؤسسة الفاشلة التى تدعى الزواج فيقال «ساقطة» أو مستهترة أو حتى «بلا أخلاق»!
***
عن الارتباط الذى قالوا عنه «مقدس» حتى أصبحت المقدسات تباع على الأرصفة مع العلكة وعلب محارم الورق أو قنانى الماء المثلجة فى أشهر جهنم! فأصبح هو مجرد صفقة كما كل الصفقات بين أسرتين أو قبيلتين أو حزبين أو حتى وسيلة للحصول على حياة مريحة وإكمال الصورة الخارجية أمام المجتمع، وهذا بالنسبة للرجل وللمرأة إما لأنها تبحث عن حياة «اكسترا» مرفهة ولا تكتفى بمرفهة أو مريحة فقط أو للهرب من وصفة جاهزة هناك استعداد للمجتمع أن يضعها فيها فى أقرب عيد ميلاد لها فتحمل لقب «عانس» مع مرتبة الشرف.

***
عن تعريف الكراهية الدفينة التى أصبحت جزءا من أحاديثنا اليومية ومنها تسللت إلى بيوتنا وبين أفراد «الشلة» أو العائلة ثم جلست تحت الجلد تتنصت وتنطلق لتنتشر كالفيروس أو الخلية النائمة!

***
عن المحبة والوفاء دون مقابل فالاثنان أصبحا عملة صعبة أو نادرة أو أن تتوافر بمقابل. «كله بثمنه» فإن أردت المحبة فالسؤال الذى يطرح نفسه سريعا كم ستدفع مقابل تلك المحبة.

***
عن الجنون أو باللهجة الخليجية «ينون» الذى يصف به الأستاذ والصديق عقيل سوار الكاتب والصحفى والمسرحى البحرينى، بعض الكتاب والصحفيين والشعراء من مدينة المحرق ــ وهى بالمصادفة مدينتى ــ حيث يقول «ميانين المحرق».. كان قد تلقى اتصالا من أحد هؤلاء «الميانين» وما إن سمع صوت الأستاذ والصديق حافظ الشيخ حتى قال له ضاحكا «حى الله ميانين محرق»، فضحك الاثنان وكلاهما يجلس فى ركنه الدافئ من تلك الجزيرة التى هى وطنى.. كلاهما بعد عن الساحة فترك مساحة من الفراغ الذى لم يستطع أحد أن يملأه حتى الآن، ولا أعتقد أن أيا من كتاب اليوم ملك ذاك الحس والقلم الخاصين.. فما تصورناه استراحة محاربين أو حتى المواربة حتى تهدأ الخواطر والأنفس أو ربما حتى يجمع كل منهما مخزونا جديدا من المواضيع والذكريات ويسترجعوا كثيرا من تلك الأوقات التى يحبون، تحول إلى هجران للصحافة.. فولد سوار وهكذا كان يعرف، عاد لكتاباته مؤخرا ولكن عبر تغريدات على حسابه، أما أحد «ميانين المحرق» ولد الشيخ فقد اعتزل الحياة كلها.. أغلق بابه العتيق وجلس يسامر كتبه وبعض الذكريات وبين حين وحين يفتح نافذة ليطل منها على أحد الأصدقاء ودائما بمكالمة فهو لم يدخل عالم الواتس آب والتويتر أو الانستجرام.. هو لا يزال يحس بالغربة إذا عبر الجسر الفاصل بين جزيرتى المحرق والمنامة ولا يعرف المبيت إلا فى مدينته التى هى عشقه ودفئه وأمه ووطنه.

***
وندرة اتصالات ولد الشيخ تجعل منها حدثا بحد ذاته. مطلوب الاحتفاء به، بل ومشاركة ذاك الاتصال بمحبى حافظ وعقيل، رغم أن أحدهم لا يشبه الآخر، إلا ربما فى الجنون بتلاوينه، وما إن غرد عقيل سوار حتى توالت عليه الرسائل، ما يسميهم «ميانين المحرق» فكتب تغريدة قال فيها «ما ظل مجنون من مجانين المحرق إلا طلع لى.. من قاسم حداد إلى خولة مطر! انتهت تغريدة عقيل الذى أغلق نافذته حتى صباح اليوم التالى عندما تجلس النوارس عند نافذته تنتظر تغريدته القادمة هو الذى كان يطلق هذا الوصف على البعض أى أنهم أو أنهن كالنوارس لا يمكثون قليلا عند شاطئ الخليج حتى يعودوا ليحلقوا بعيدا مرسلين تغريداتهم ونشيد فرحهم.

ربما فى تعريف الجنون يختلف الكثيرون بل وحتى فى أهمية بعض الجنون فى حياتنا اليومية إن لم يكن كل الجنون فى المساحات البيضاء الباقية حيث النقاء الوحيد فى محيط من التلوث.
لا تتركوا جنونكم بل خذوه بقوة..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved