تذاكر الهيروين.. وتذاكر القطارات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 14 سبتمبر 2009 - 10:01 ص بتوقيت القاهرة

 أن تعثر على تذكرة هيروين قد يكون أمرا أسهل كثيرا من الحصول على تذكرة قطار متجه إلى أسيوط أو أى من مدن ومحافظات الوجه القبلى هذه الأيام.

ليس فى الأمر مبالغة وربما تكون الحقيقة أصعب كثيرا.

قبل أسبوعين ذهبت إلى محطة سكة حديد الجيزة لحجز تذاكر لى ولأسرتى إلى أسيوط، يوم 18 سبتمبر، وبعد طابور استمر أكثر من ساعة قال لى الموظف إن الحجز فقط قبل السفر بأسبوعين.. عدت فى الموعد المحدد ووقفت فى نفس الطابور الطويل فأخبرنى موظف آخر أنه لا توجد تذاكر فى الأيام الثلاثة السابقة واللاحقة لعيد الفطر.

جادلته كثيرا، ثم اكتشفت أنه جدل عبثى فغادرت المكان وأنا لا أفهم كيف تنتهى كل التذاكر فى الساعة الأولى من الحجز.

تذكرت أن نقابة الصحفيين تخصص موظفا للحجز يقابلك بابتسامة عريضة.. اتصلت أولا حتى لا أضيع وقتى، وبعد ساعة كاملة من المحاولات وصلت إلى الموظف المشغول دائما، فأخبرنى بالحقيقة المرة، وهى عدم وجود تذاكر.

ضاقت الدنيا بى، فالعيد بعيداً عن الأب والأم والأشقاء والأقارب وجو القرية، يصعب تعويضه فى أى مكان.

بدأت أتصل بكل من أعرفه.. وكانت الصدمة أن معظم الصعايدة مثلى يبحثون عن وساطة للحصول على تذاكر فى أيام العيد، والرد شبه الموحد كان الآتى: المسألة صعبة، لكن عليك بالانتظار، فربما تكون هناك قطارات إضافية خلال أيام. شخص آخر نصحنى بالبحث فى طرقات وحوارى الشوارع المتفرعة من ميدان رمسيس عن أشخاص محددين يقومون ببيع كل أنواع التذاكر لكن بسعر مضاعف.

فجأة تذكرت أن لى صديقا قديما على صلة جيدة ببائعى التذاكر.. طلبت نجدته، وبعد مفاوضات أصعب من مفاوضات أوسلو جاءتنى البشرى، أن التذاكر موجودة، لكن التذكرة من القاهرة لأسيوط وسعرها فى الأىام العادية 32 جنيها أصبحت بخمسين جنيها تقريبا رسمياً.

والتذاكر موحدة السعر، سواء كانت لطفل صغير أو لشيخ طاعن فى السن، ولا استثناء لصحفى أو قاض أو ضابط، أما التذكرة فى السوق السوداء فتصل إلى ١٠٠ جنيه.

وبما أننى مضطر فقد قبلت كل الشروط ففى النهاية ورغم كل شىء فالسفر بالقطار أكثر أمانا ملايين المرات من جنون سائقى الميكروباص والبيجو الذين يقدمون لك خيارا من اثنين إما الدخول فى شجرة أو الغرق فى ترعة الإبراهيمية.

القصة السابقة يعيشها كل مواطن صعيدى تقريبا فى المواسم والأعياد، وصارت معروفة للجميع، ولا يكفى خروج وزير النقل أو رئيس هيئة السكة الحديد للقول بوجود قطارات إضافية، فطالما الأزمة مستمرة، فلا قيمة لأى تصريح وطالما أن المسئولين يعترفون بوجود سوق سوداء للتذاكر، فلماذا لا تكون هناك إجراءات رادعة وتطبق نظرية «اضرب المربوط يخاف السايب».

المسألة لا تحتاج إلى اجتهاد. ورئيس الهيئة نفسه يقول إن عد الركاب اليومى زاد على المعدل اليومى بحوالى 43500 راكب.. إذن لماذا لا تكون العربات المخصصة كافية؟

لدينا كل أنواع المباحث والتحريات فى مصر، ولدينا قانون طوارئ.

.. لماذا لا يخبرنا أى شخص بحقيقة المافيا المهيمنة على تذاكر العيد.. أليس مخجلاً أن يكون أكثر ما يشغل المواطن هو البحث عن تذكرة قطار؟!

ehussein@shorowknews.com

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved