العدو ليس سهلًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 14 نوفمبر 2014 - 8:10 ص بتوقيت القاهرة

عندما كنت أسمع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وكبار المسئولين الأمنيين يقولون إننا فى حالة حرب، كنت أعتقد أنه تعبير مجازى لاستنفار المواطنين حتى يظلوا فى حالة يقظة تامة بشأن مواجهة المخططات الإرهابية.

الآن أقر بأننا فعلا نعيش تقريبا حالة حرب، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن العدو أو الخصم الذى نواجهه ليس سهلا بالمرة كما كنا نظن.

ليس عيبا أن نعيد النظر فيما كنا نعتقده من مسلمات أو بديهيات.

قال بعضنا قبل أكثر من عام إن الإرهاب سيتم القضاء عليه فى أسبوع. وقال بعضنا أيضا إن الإرهاب يحتضر، وكلما وقعت عملية نوعية كبرى يقول بعضنا إنها دليل يأس الإرهابيين.

ليس عيبا أيضا أن نعرف حجم ومقدار وطبيعة العدو الذى نحاربه، ونصارح الشعب بكل الحقائق لنتمكن من المواجهة الصحيحة.

العدو الذى يحاربنا هاجمنا من سيناء مرات كثيرة ونفذ عمليات نوعية متعددة كان آخرها الجريمة الإرهابية الأكبر من نوعها فى كرم القواديس بالشيخ زويد، وقبلها قتل جنودا للجيش والشرطة واغتال شيوخ قبائل، وهاجم منشآت بالأسلحة الثقيلة.

هذا العدو تمكن أيضا من اختراق الحدود الغربية ونفذ عملية الفرافرة، كما تمكن للأسف من تنفيذ عمليات نوعية داخل المحافظات خصوصا تفجير مقر مديريتى أمن الدقهلية والقاهرة وكاد يغتال وزير الداخلية أمام منزله لولا ستر الله.

هذا العدو لديه تسليح نوعى لا يتوافر إلا لجيوش منظمة فهو تمكن من إسقاط مروحية فى سيناء، ولديه صواريخ آر بى جى وقذائف هاون، وهناك تقديرات بأنه يمتلك صواريخ عابرة للمدن مثل تلك التى ضبطها الجيش قادمة من ليبيا زمن حكم الإخوان وطوال فترة الانفلات الامنى.

هذا العدو من الواضح أن لديه عناصر مدربة على أعلى مستوى ولديها خبرات متنوعة ظهرت فى تنفيذ العمليات النوعية، والمؤكد أن لديه تمويلا هائلا يمكنه من تنفيذ كل هذه العمليات النوعية وشراء الأسلحة الثقيلة.

واذا ثبت ان هذا العدو هو الذى نفذ فعلا الهجوم على بعض الوحدات البحرية ظهر الأربعاء الماضى قبالة سواحل دمياط شرق البحر المتوسط فإننا نكون بصدد تطور نوعى جديد. لأنه عندما يتمكن هذا العدو من تسيير لنشات صغيرة أو بلنصات على بعد أربعين كيلومترا فى مياه المتوسط، فهذه ليست جماعة صغيرة بل إمكانيات دولة.

الاعتراف بحجم وقدرات العدو مهم للغاية، حتى نعرف بالضبط من نحارب. إذا كان ليس مستحبا التهويل من حجم العدو، فإنه من الكارثى أن نهون منه أيضا. التهويل قد يضعف الروح المعنوية للبعض لكن التهوين قد يؤدى لا قدر الله إلى إعطاء العدو المبادرة وتحقيق إنجازات ملموسة.

ميزة أن أعرف حجم وقدرة عدوى أننى سوف أتمكن من التصدى له ومحاربته بطريقة صحيحة.

وفى هذا الإطار فمن المهم أن تكون لدينا خريطة متكاملة لهذه التنظيمات المتطرفة التى نحاربها، أعدادها، جنسياتها، تفكيرها، تسليحها، علاقاتها، تمويلها، تخطيطها، من يساعدها أو يوفر لها الغطاء محليا واقليميا ودوليا.

توافر مثل هذه المعلومات يمثل خطوة مهمة فى طريق التصدى لها والانتصار عليها.

ومن الآن فصاعدا فمن الخطأ الفادح أن يستمر بعضنا فى التهوين من هذا الخصم أو العدو.

قد يكون أفراد العدو وعناصره وكوادره قلة من حيث العدد، لكن من الواضح أن هناك تداخلا اقليميا ودوليا يعمل على زيادة استفحال خطر القاعدة وداعش والنصرة وخرسان وسائر التنظيمات التى تحمل نفس الفكر تقريبا. وبالتالى علينا التفكير بجدية أننا فى حرب فعلا ونواجه عدوا صعب المراس، نرى رأسه، لكن لا نعرف حتى الآن أين تنتهى ذيوله؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved