معركة الكاف.. كيف؟

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 15 مارس 2017 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

•• لا أعتقد أن الانتقادات الإعلامية المصرية التى اشتعلت بمناسبة انتخابات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم لها أى تأثير، لأنها كمن يخاطب نفسه غضبا.. فالانتخابات الرياضية الدولية تحسم وتدار بالاتصالات، والمصالح. ومن أسف أن معاركنا فى مجال الرياضة بدت فى كثير من الأحيان مثل معركة دون كيشوت ضد طواحين الهواء. ومن أسف أن الانتقادات التى اندلعت ضد ظاهرة احتكار حقوق بث بطولات الكرة الإفريقية غاب عنها اختيار التوقيت الصحيح.. فهذا الاحتكار مشهود ومعروف منذ 2008.. وكانت مصر بدورها وبظروفها فى ذاك الوقت عليها أن تتحرك وتبحث فى كيفية كسر هذا الاحتكار..
وربما كانت الفرصة مواتية حين وقع الاتحاد الإفريقى عقده الجديد مع شركة لاجاردير فى يونيو 2015.. ففى ذلك الوقت كنا نستطيع اللجوء لمحقق دولى مثلا، أو للفيفا. وهكذا بدأت معركة الولايات المتحدة ضد بلاتر ورجاله فيما يتعلق بالفساد، والتصويت على بطولتين لكأس العالم مرة واحدة فى اجتماع واحد. وكانت تلك نقطة البداية للمحامى الأمريكى مايكل جارسيا.. وكان واجبا على جهاز حماية المنافسة التحرك فى ذلك الوقت بغض النظر عن وجود شركة مصرية تبحث دخول سباق الفوز بحقوق البث التليفزيونى وتقديمها لعرض بقيمة مليار و200 مليون دولار.. وهذا ما أعنيه بالتوقيت.. فكرة القدم سلعة مهمة لنا وللقارة. والاحتكار أرهق المشاهد الإفريقى والمصرى.. ولكن تحركنا بدأ بعد 15 شهرا من توقيع العقد بين الكاف وشركة لاجاردير..
** إفريقيا مهمة جدا لنا، وكرة القدم الإفريقية فى غاية الأهمية لنا. وكلما حققت منتخباتنا وفرق أنديتنا انتصارات على مستوى القارة، تضيف تلك الانتصارات لنا كما أضافت اللعبة للبرازيل على مدى مائة عام. وأقصد بهذا الكلام أنى لست ضد الاتحاد الإفريقى، ولا ضد كرة القدم الإفريقية.. ولكن ضد إدارة معاركنا الرياضية بأساليب ساذجة وفى توقيتات خاطئة، وفى ميادين خطأ..
** عيسى حياتو ليس سهلا، فبعد 30 عاما فى منصبه كرئيس للكاف، صنع مراكز قوى، وصنع لها مصالح. وبات دفاع هؤلاء عن مصالحهم مرتبطا ببقاء حياتو. هكذا علمه بلاتر. وهكذا تعلم حياتو من تجربته فى الفيفا وفى الكاف.. وهكذا تثبت الوقائع والأحداث، حتى فى علاقات حياتو مع أصدقاء الأمس الذين باتوا من الأعداء، بسبب المصالح، ومن أسف أنهم رضخوا وشلت أيديهم فى مواجهة رئيس الكاف..
** الانتخابات ليست سهلة ولم تكن يوما سهلة فى أى موقع.. ومع المصالح الاقتصادية، ولأن كرة القدم صناعة تدر مليارات، تتدخل دول فى اللعبة.. ولمن نسى، دخلت إسرائيل القارة فى وقت من الأوقات من باب كرة القدم ومن خلال معسكرات حبقوق التى أنشأتها فى دول إفريقية.. وأكبر رعاة وممولين للكاف يتقدمهم شركة توتال واورانج بجانب لاجاردير، وهى ثلاث شركات فرنسية.. فالأمر أعمق من أن تكون كرة القدم مجرد لعبة..
** تلك مجرد بداية نهاية إسطورة عيسى حياتو فى الكرة الإفريقية. ففى الثلاثين عاما الأولى قاد الاتحاد 6 رؤساء، وفى الثلاثين عاما الثانية ظل حياتو يحتكر السلطة وحده بلامنافس. ومن الواضح أن إينفانتينيو ضده، وأوروبا ضده، ودول إفريقية ضده. فهو لم يعد الفائز بالإجماع كما كان ولن يكون حتى لو فاز..
** إن أهم قواعد الفوز بمعركة إقتصادية رياضية أن تختار توقيتها بدقة، وأن تختار ميدانها، وأن تعرف كيف تديرها وبأى أسلحة.. وفى حربنا ضد إحتكار بث بطولات القارة، وهو أمر يستحق الحرب بالفعل، لم يكن إختيار التوقيت سليما، ولا الميدان صحيحا، ولا الأسلحة التى نضرب بها دقيقة.. وهى حرب ضد الإحتكار وضد فساد، وليست ضد الاتحاد الإفريقى.. هكذا كانت يجب أن تكون الحرب، وهكذا كان يجب أن يكون إعلانها..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved