قبل التهدئة المنتظرة.. حسابات المكسب والخسارة من حرب غزة (٤)

نادر بكار
نادر بكار

آخر تحديث: الجمعة 15 أغسطس 2014 - 8:15 ص بتوقيت القاهرة

استراتيجيا فشلت حكومة نتنياهو فى إيقاف عجلة استعادة الوحدة الفلسطينية عن الدوران، بل يبدو التراجع الإسرائيلى دراماتيكيا على هذا الصعيد.. تل أبيب التى أعلنت قبل أشهر رفضها النهائى التعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية ورأسها محمود عباس فى أعقاب إتمام المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين، تجد نفسها اليوم مضطرة لقبول كثير من التفاهمات حول غزة ما بعد حرب يوليو ٢٠١٤ مع هذه السلطة، إذ إنه لابد من وجود شريك فلسطينى للخروج من ورطة غزة، وحتما ستغض الطرف عن حقيقة أن حكومة السلطة فى هذا التوقيت ووفق ما تمخضت عنه اتفاقية المصالحة ستكون هجينا يجمع فتح وحماس، حتى وإن صرحت حكومة نتنياهو على المستوى الرسمى بخلاف ذلك.

اسرائيل مضطرة أن تعطى السلطة الوطنية الفلسطينية الدور الأكبر فى إعادة إعمار القطاع، وفقا لما قاله نتنياهو الأسبوع الماضى: «من المهم فى إعادة بناء غزة، وفى ضمان المساعدات الإنسانية وكذلك الأسئلة الأمنية التى تُطرح، أن تكون لدينا هذه المناقشات والتنسيق معهم ــ يقصد السلطة الوطنية».

أموال إعادة الأعمار تعهدت بها الرياض وأبوظبى على أن تخضع أوجه الإنفاق لرقابتهما بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية لضمان وصولها إلى القطاع المدنى لا إلى أعمال المقاومة، هذا جزء مؤكد من مباحثات القاهرة رغم أن هوية من سيعيد إعمار القطاع ظلت محل شد وجذب ٍبين حماس وبين بقية الأطراف.. حماس تناور بهذه الورقة وهى تعلم أنها ستتخلى عنها فى النهاية لكنها أرادت أن تظهر الأمر وكأنه مكسب تحصل عليه المفاوض الإسرائيلى، والحقيقة أنها لا تحتاج إلى أموال الإعمار لإعادة بناء قدراتها الدفاعية.

مدير مركز بيجن ــ السادات للدراسات الاستراتيجية فى جامعة بار إيلان «إفرايم عنبار» يؤكد أن حماس ستواصل تهريب الأسلحة حتى لو سيطرت مصر وإسرائيل على كل المعابر الحدودية، إذ إنه من المستحيل هزم حماس مرة واحدة وإلى الأبد، كما يطالب بعض الوزراء الإسرائيليين.. يقول عنبار: «يحب الفلسطينيون حماس، ما الذى نستطيع فعله؟ أنا لا أعتقد أن بإمكاننا نزع منظمة لديها دعم 35% من السكان من جذورها. على الأقل ليس فى المدى القصير».

حماس بعد ثمانى سنوات من الحكم المنفرد لقطاع غزة تدرك صعوبة الاستمرار فى نفس الدور مع تضييق الحصار عليها من كل جانب، بالإضافة إلى تصاعد الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين التى تنتمى إليها الحركة بشكل غير مسبوق فى المنطقة العربية وعلى رأسها مصر فى أعقاب الثلاثين من يونيو الماضى، وكانت قد بدأت بالفعل وبمرونة فاجأت الجميع البحث عن مخرج تتحاشى به مصير الجماعة الأم فى مصر، وهو ما تحقق فى إتمام المصالحة وإعادة الانصهار فى كل الأراضى الفلسطينية دون التقوقع السابق فى قطاع غزة.

ومن الناحية الشعبية فقد عمقت حرب غزة الأخيرة مشاعر الوحدة الفلسطينية وداوت كثيرا من الجروح البينية التى خلفها انقسام ٢٠٠٦، أفلتت حماس ولو بصورة مؤقتة من تقييم شعبى لسنوات حكمها المنفرد فى قطاع غزة، انتفاضة جماهير الضفة الغربية والحراك الشعبى الفلسطينى من قلب القدس ومظاهرات عرب ٤٨ وكلها وصلت حد الاشتباك المباشر مع القوات الإسرائيلية تؤكد على توحد كل الفلسطينين أمام عدوان يطول جزءا من أراضيهم أيا كانت هوية الفصيل الفلسطينى المسيطر عليها.

تجربة حزب الله اللبنانى تبدو الآن عملية وواقعية للغاية بالنسبة لحماس، فلتتصدر السلطة الفلسطينية الواجهة فى كل ما يخص إدارة الشئون الحياتية لفلسطينيى القطاع والضفة، ولتقبع حماس فى خلفية المشهد تتمتع بالنفوذ القوى على الأرض،وتحتفظ بسلاحها لمواجهات قادمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved