الرقابة القطرية تُلهم كاتبة أمريكية


قضايا تعليمية

آخر تحديث: الإثنين 16 فبراير 2015 - 4:30 م بتوقيت القاهرة

أمضت الكاتبة موهانالاكشمى راجاكومار عشر سنوات فى الدوحة، أسرع عاصمة صغيرة فى النمو، فى إمارة قطر الغنية.
ووصفت راجاكومار المكان فى مذكراتها خلال هذه الفترة، من الكثبان إلى ديور، بأنه المكان الذى "يقاوم ويحتضن التحديث" وبأنه "ملىء بالتناقضات والفرص والتحديات".
بوصفها أستاذ مساعد فى الكتابة والأدب، حصلت على حصتها فى كل هذه الميزات. وكمؤلفة ومدربة تعمل فى فرع جامعة نورث وسترن هنا، ساعدت راجاكومار فى تعزيز المجتمع الأدبى فى البلاد التى تقيد حرية التعبير.
واجهت راجا كومار نفسها هذه القيود. إذ تم حظر أحدث روايتها "الحب يأتى لاحقا" العام الماضى فى قطر. لم تقدم وزارة الثقافة أى تفسير لمنع الرواية التى تحكى قصة اثنين من أبناء العمومة القطريين والذين تمت خطبتهما لبعضهما ضمن تقليد عائلى متبع.


***


يعكس وضع راجا كومار المشهد الصعب الذى يتوجب على الأكاديميين الأمريكيين الانتقال إليه فى قطر، والتى تستضيف أيضا برامج أكاديمية تديرها جامعة كارنيجى ميلون، وجورج تاون، وتكساس A & M، وغيرها من الجامعات الأجنبية الأخرى. تعمل راجا كومار وزملاؤها هنا للمساعدة فى تنفيذ خطة التعليم الطموحة التى تتبناها الإمارة، لكن يتوجب عليهم فى ذات الوقت مراعاة القواعد غير المعلن عنها.
وعلى الرغم من منع الرقابة للراوية، تظهر راجا كومار حماسا للاستمرار فى العمل والعيش كأكاديمية مغتربة. وتقول إنها مستعدة لإجراء تعديلات على الرواية للسماح لها بتوزيعها فى الإمارة.
قالت "أنا براجماتية، كنت على استعداد لوضع لصاقة طبعة خاصة لقطر. بينما يمكن للآخرين قراءة الطبعة الدولية."

كتب مبنية على أسئلة

تنحدر راجا كومار من أصول هندية. هاجر والداها الأكاديميان باكرا إلى الولايات المتحدة. وفى عام 2006، انتقلت راجا كومار، 36 عاما، إلى الدوحة للعمل كمساعد عميد شؤون الطلاب فى جامعة جورج تاون للشؤون الخارجية. بعد سنوات قليلة، وخلال عملها فى دار بلومزبرى فى قطرــ فرع للناشر البريطانى الشهيرــ بدأت محاولتها للكتابة. قالت " فكرت: انتظرى للحظة. أنا أكتب بصورة جيدة كبعض هؤلاء المؤلفين".
وبينما كانت تسعى لتحقيق أهدافها الأدبية، قالت إنها تشجع الآخرين أيضا على أن يحذوا حذوها. لاحقا، بدأت بتدريس الكتابة وأسست ورشة كتّاب الدوحة، الأولى من نوعها فى البلاد. ساعدتها لقاءات الورشة على التعرف على الكثير من القصص التى كان القطريون يرونها.
بدعم من وزارة الخارجية الأمريكية ومن جامعة قطر، أنشأت سلسلة سرد قطر، مع دعوة مفتوحة لاستقبال مقالات من مقيمات فى قطر. فى ذلك الوقت، قالت راجاكومار «قال الناس: إنها ثقافة خاصة. لذلك يفضلون عدم الكشف عن هويتهن أو ذكر أسمائهن» لكن السلسلة حققت نجاحا، حيث ساهمت راجاكومار فى تحرير 4 مجموعات أدبية قطرية فى الفترة ما بين 2008 وحتى 2011.
وقالت راجاكومار، مع اثنين من طلابها السابقين من قطر، «أعتقد أنه لايزال يمكننى الكتابة عن هذا المكان لعشرة أعوام أخرى. هناك الكثير من الفئات وأنواع كثيرة ومختلفة من الأشخاص. إنه مكان مثالى للرواية».
تستخدم راجاكومار المجموعات القصصية خلال الدروس التى تقدمها لمساعدتها على الشرح للطلاب. قالت راجاكومار، والتى تدرّس أيضا فى جامعة فرجينيا كومنولث فى قطر، «يتضمن الكتاب مقالات لأشخاص قد يكونون على صلة بهم».
نشرت راجاكومار حتى الآن نصف دزينة من الكتب المنشورة على موقع أمازون. فى ربيع عام 2014، نشرت رواية الحب يأتى لاحقا والتى تتناول فيها محاولات الشابات القطريات العثور على الشريك المناسب.
قالت «كل كتبى مبنية على سؤال».
كان أحد الأسئلة الأساسية لشابة قطرية عرفتها الكاتبة لوقت ما: من سنتزوج؟ وهل هناك أى فرصة للحب؟
فى روايتها الأخيرة، حاولت راجاكومار تخيل الإجابة.
لكنها فوجئت بوكيل التوزيع يخبرها بمنع روايتها فى قطر. توقعت أن يطلب منها إجراء تعديلات لطبعة قطرية واستعدت فعلا لذلك. قالت «ككاتبة إذا لم يكن لدى قراء فلا داعى إذن للكتابة».
لم تستفسر جامعة فيرجينا كومونولت – حيث تعمل ــ ولا أى جامعة غربية أخرى عن سبب المنع علنا. بينما تنوعت ردود أفعال زملائها فى الكلية، على حد قولها. بعضهم بارك لها وآخرين تساءلوا كيف مازالت فى البلاد؟

رقابة لا يمكن التنبؤ بها

قال جوستين دى. مارتن، أستاذ مساعد فى الصحافة فى نورث وسترن فى قطر، إنه ونظرا لقلة الدعاية فإن غالبية الأكاديميين فى قطر لم يعرفوا بالقصة. أما أولئك الذين علموا بها، فإنها لم تكن ذات أهمية كبيرة بالنسبة لهم.
قال «حظر كتاب مطبوع فى قطر لا يعنى الكثير. هذا إجراء رمزى، إذ لايزال بإمكانك الوصول إلى الكتاب من خلال القراءة الإلكترونية».
كتاب راجاكومار هو مجرد واحد من عناوين كثيرة تم حظرها. بالطبع، لا توجد قائمة رسمية بأسماء الكتب المحظورة. كما لا تنشر السلطات أو تشرح أسباب الحظر الذى لا يتبع نمطا واضحا.
تم توزيع العديد من الأعمال الأخرى عن قطر، والتى تبدو أكثر أهمية أو إثارة للجدل من رواية راجاكومار، وتمت مناقشتها فى فى الجامعات الأجنبية، بحسب مارتن. لكن راجاكومار تعتقد أن السلطات ترفض «كتابات غير القطريين عن القطريين».
يشهد المشهد الأدبى نموا هنا. لكن فى عام 2013، حُكم على شاعر محلى شهير بالسجن لمدة 15 عاما بسبب قصيدة انتقد فيها الأمير السابق. ترغب قطر بتقديم صورة من الانفتاح والحداثة إلى العالم، واستضافة أرقى الجامعات والمتاحف الجديدة، والأحداث الرياضية الدولية. مع ذلك، تبقى البلاد محافظة ثقافيا وسلطوية سياسا. لكن مسألة حرية التعبير «ستبقى حاضرة وستتوسع» بحسب راجاكومار.
على الرغم من المخاوف، تواصل الكاتبة الأمريكية البحث عن مصادر إلهام جديدة فى الإمارة. تتغذى معرفتها وكتابتها من بعضهما البعض. ويدفعها احتياجها لكتابة بعض المشاهد حول مجالس الرجال – الغرفة التى يجتمع بها الرجال لمناقشة الأمور الهامةــ لطلب المزيد من المعلومات الجديدة.
بطريقة أو بأخرى يساعدها حظر روايتها على كتابة رواية جديدة. قالت «حررتنى الرقابة للكتابة عن أى شىء نظرا لأننى بت أعرف أنه لن يوزع هنا. لم أعد أكتب والرقيب بين عينى».

نشر بالاتفاق مع مجلة الفنار للإعلام

الرقابة القطرية تُلهم كاتبة أميركية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved