كلام فى السياسة ــ إرهابى نيس لم يقتل ولم يقتل

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: السبت 16 يوليه 2016 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

لم تعد المواجهة متكافئة بين الإرهابيين والضحايا، على مستوى الغرب، أو حتى العالم، فميزان القوى بات لصالح الإرهابيين. لا يمكن مقارنة المقياسين المختلفين. بين قوة الدول والمجتمعات من جهة، وقوة الإرهاب الإسلاموى من جهة أخرى.

مذبحة نيس نموذج صارخ. شخص واحد، يستأجر شاحنة بمئة يورو، أقل أو أكثر. فيصيران معا سلاحا يفتك بنحو مئتى إنسان. كل الأمثلة الأخرى تؤكد الأمر. لا يمكن ربح المعركة مع الإرهاب بواسطة الإجراءات الأمنية ولا الاحتياطات البوليسية ولا عمل الأجهزة الرسمية والدولتية ولا أى مواجهة تقليدية أخرى.

***

الإعلام الغربى، وخصوصا الأمريكى، فى تياره المركزى الساحق فى منطقة نيو إنجلاند، ينسى أو يتناسى أن بلاده ألقت فى حرب فيتنام قوة نارية توازى ثلاثة أضعاف ما استخدم من قوة نار فى الحرب العالمية الثانية. لكن رغم ذلك لم يدهس أى فيتنامى مقهور مظلوم محتل أو مستضعف، أى مدنى أمريكى أو غربى فى أى ناحية من العالم. أكثر من ذلك، كأن العقل الغربى بكامله، يدرك فى وعيه أو لا وعيه، مسئوليته فى مكان ما، عن هذا الإرهاب بالذات. فتراه ينحاز فى تحليله إلى كل القراءات التى تبرره وتعطيه الذرائع وتتعامى عن حقيقة مسبباته وجذوره.

لم يتذكر أى من هؤلاء أن رجلا أوصى إرهابيه قائلا: «اقتلوا الكفار فى أمريكا وأوروبا، خاصة فى فرنسا، وفى أستراليا وكندا، وكل مواطنى الدول التى التحقت بالتحالف الدولى ضد الدولة الإسلامية.. اقتلوهم بأى طريقة.. حطموا رءوسهم بالحجارة، أو اطعنوهم بالسكين، أو ادهسوهم بسياراتكم، أو ألقوهم من مكان عال».. رجل اسمه أبومحمد العدنانى. وظيفته وزير الهجمات الخارجية فى «داعش». وسنده الإلهى «اقتلوهم حيث ثقفتموهم».

هكذا بكل تجاهل فكرى وعقلى وعلمى مقصود، قرر الغرب أن يعيش حالة إنكار مزدوجة: أن يرفض الاعتراف بمصدر الإرهاب الذى يقتله. وأن يستمر فى حربه ضد الظاهرة الوحيدة التى نجحت فى مواجهة هذا الإرهاب بالذات. كيف ذلك؟ فلنتصور المشهد السياسى للغرب لحظة مذبحة نيس الفرنسية. فهى تحمل كل الأدلة والقرائن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved