15 لقبا للسوبر الأوروبى لإسبانيا.. لماذا؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 16 أغسطس 2018 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

• الأكاديميات.. وفلسفة اللعب.. وبيع الكلاسيكو للعالم وراء هذا النجاح
** أقوى دورى فى إنجلترا. وأعنف دورى فى إيطاليا. وأقوى أندية فى إسبانيا. وأكثر حضور جماهيرى فى ألمانيا. وبطل العالم منتخب فرنسا.. إنها كرة القدم فى أوروبا.. وكرة القدم فى إسبانيا. فقد أقيمت مباراة السوبر الأوروبى بعيدا عن العاصمة الإسبانية مدريد بمسافة 3000 كيلومتر فى تالين عاصمة استونيا بمثابة ملحمة كروية، انتهت بفوز أتلتيكو مدريد على غريمه ريال مدريد 4/2 بعد الوقت الإضافى.. ليفوز أتلتيكو بلقبه الثالث للسوبر الأوروبى.. وليواصل الأرجنتينى دييجو سيميونى مدرب أتلتيكو نجاحاته، على الرغم من إدارته للقاء من المدرجات، تنفيذا لعقوبة الإيقاف 4 مباريات التى تعرض لها من الاتحاد الأوروبى فى شهر مايو الماضى..
** خسر ريال مدريد التحدى الأول هذا الموسم تحت قيادة مدربه الجديد جولين لوبيتيجى، واعتبر خبراء أن رحيل رونالدو وزيدان من أسباب الهزيمة، وفى ذلك مبالغة دون شك، لأن رونالدو لم يلعب فى الريال 9 سنوات وحده، حتى لو كان هو مطرقة الفريق وشاكوشه وحربته القاتلة.. لكن السؤال الكبير يطرح الآن: هل يظل ريال مدريد فريقا قويا وغنيا بالنجوم كما كان دائما بعد رحيل كريستيانو وزيدان؟ هل ينجح النادى الملكية فى الاحتفاظ بلقب دورى أبطال أوروبا للمرة الرابعة؟
** بهذا اللقب الجديد لأتلتيكو وللأندية الإسبانية التى أضافت لقبها الخامس عشر لكأس السوبر الأوروبى وتواصل احتكارها لبطولات الأندية الأوروبية باستثناء حالات نادرة فى القرن الحادى والعشرين، كما أن منتخب إسبانيا فاز بثلاث بطولات فى الفترة من 2008 إلى 2012، وهو سجل مع برشلونة أفضل فترة فى تاريخ الكرة الإسبانية، وهنا يستحق الأمر إعادة طرح السؤال: إسبانيا لماذا؟
** دون شك تظل كرة القدم فى إسبانيا ظاهرة فى تفوقها على مستوى القارة الأوروبية.. ويستند هذا التفوق أولا على أكاديميات صنعت عشرات النجوم وفى مقدمتها أكاديمية برشلونة لاميسا. وهو ما يترجم إلى منتج يدر أرباحا، ففريق ريال مدريد هو الأغنى فى العالم منذ 14 عاما ويليه برشلونة وعلى مدى سنوات القرن الحالى نجحت إسبانيا فى تسويق وبيع الكلاسيكو عالميا بين ريال مدريد وبرشلونة. ويذكر أن الفريق الكتالونى توج كأفضل أندية الكوكب فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين. بمستواه وعروضه وبطولاته. والفريقان، ريال مدريد وبرشلونة ظلا حتى الموسم الماضى يضمان أفضل لاعبين فى العالم، ميسى وكريستيانو رونالدو وهما يتنازعان، ويتنافسان، على الجوائز والألقا ب ويتبارزان أيضا بالأهداف والأرقام والإنجازات. كذلك بدأت أندية جديدة تظهر فى دائرة المنافسة المحلية بإسبانيا، ودائرة المنافسة الأوروبية وفى مقدمتها أتليتكو مدريد، وإشبيلية، وفياريال، وفالنسيا.
** بيب جوارديولا وراء السمعة التى حازتها الكرة الإسبانية فى السنوات الأخيرة، حين كان يقود برشلونة. وقد حقق واحدة من أهم معادلات اللعبة فى أرقى مستوياتها وأكبر أهدافها، وهى صناعة فريق نجم، مستندا على مجموعة نجوم. وقصة نجاحة مع برشلونة فتحت أمامه أبواب المجد والشهرة. وجوارديولا يحتاج إلى لاعبين مميزين وأصحاب مهارات لاستعراض مهارته، وعرض إمكاناته، وتطبيق أسلوبه الشهير تيكى تاكا. فهو أسلوب يجمع بين براعة اللاعب الفرد، وتكتيك الفريق الجماعى ويجمع بين تبادل الكرة وفقا لقواعد المدرسة الإسبانية وبين تبادل المراكز حسب مدرسة الكرة الشاملة الهولندية.. والاستحواذ على الكرة ليس هدفا فى حد ذاته، والهدف ليس تمرير الكرة فقط. ولكنه يجبر لاعبيه على تبادلها من أجل نقل اللعب إلى ملعب الخصم وإلى مرماه ومزج بين هذا الامتلاك للكرة وتبادلها وبين بالحركة والنتشار.
** إسبانيا تميزت بتعدد مواهبها التى تتخرج من الأكاديميات المنتشرة فى أنديتها، كما تنوعت مدارس وخطط اللعب، فهناك فرق تلعب كرة هجومية مثل ريال مدريد وبرشلونة، وفرق تدافع وتشن غارات مضادة من موقف الدفاع مثل أتلتيكو مدريد وأتلتيكو بيلباو وأشبيلية. ويصف خبراء ونقاد الكرة الإسبانية الإسبانية بأنها الأجمل على الإطلاق فى أوروبا.
** كذلك كان اختيار أسلوب الأداء من أسرار الكرة الإسبانية، سواء على مستوى المنتخب أو الأندية. فاللاعب الإسبانى من تلاميذ المدرسة اللاتينية فى أوروبا، مثل الفرنسى، والبرتغالى، والإيطالى. وهى مدرسة تلعب الكرة مباشرة وعلى الأرض، ولا تمارسها بالتمريرات الطويلة والعالية. ويرجع ذلك إلى ضعف الأجسام فى تلك الدول، فهى ليست مثل نظيراتها فى إنجلترا وألمانيا وهولندا والتشيك وروسيا.. وبدلا من اختيار منطق القوة فى مواجهة القوة، اختار الإسبان أسلوب الانتصار على الخصم بالتمرير، بشرط أن يقترن ذلك بالتحرك. فلا فائدة من استخدام سلاح التمرير بدون الحركة. ولاحظ كيف أن تمرير الكرة فى فريق مثل برشلونة يكسر دفاعات الخصوم، ويصنع فى صفوفها الثغرات. وقد كان ذلك اختيار ذكى، فيه ذكاء الثعالب فى مواجهة الأسود. ويكون الثعلب غبيا عندما يصارع الأسد بالقوة، ولأن الثعالب ذكية، فإنها تواجه الأسود من بعيد، وتناور وتحاور وتجرى حتى تحقق هدفها.. وهذه مدرسة الكرة الإسبانية.
والكرة الجميلة وجمال الأداء لا يقتصر على المراوغة، والتمرير بالكعب، والتمرير بين الأقدام. فالجمال فى تنوع الأساليب، ومنها سرعة الهجوم المضاد، والدقة، والتنظيم والانضباط والضغط وتبادل المراكز وتبادل الكرة، وروح الفريق، وإبداع اللحظة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved