تحية واجبة إلى المعتصمين

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 17 يوليه 2011 - 9:26 ص بتوقيت القاهرة

 باختصار وبصريح العبارة فإنه من دون الاعتصام الآخير فى ميادين التحرير والأربعين بالسويس وأمام القائد إبراهيم بالإسكندرية وأى ميدان آخر فى مصر، ما كان المجلس العسكرى أو الحكومة قد استجابوا لكل المطالب التى تحققت خلال الأسبوع الماضى.

إذن فالواجب أن نوجه تحية خالصة صافية لكل المعتصمين والمتظاهرين الشرفاء الذين تحملوا «سفالات ورزالات وشتائم وانتقادات كثيرة» وصلت الى حد اتهامهم بالبلطجة والعمالة فى حين أن المكاسب الكثيرة التى حققوها باعتصامهم سوف يستفيد منها الوطن بأكمله.

النتائج التى حققها اعتصام التحرير كثيرة ومتعددة رغم أن الاعتصام لم ينته رسميا حتى كتابة هذه السطور مساء الجمعة.
أول النتائج الإسراع بمعالجة ملف الشهداء ومصابى الثورة وإنشاء هيئة خاصة لهم، طالب بها كثيرون، ولم تخرج للنور إلا بعد المظاهرة التى أعقبت أحداث البالون ووزارة الداخلية.

ثانى النتائج هى خروج أكبر حركة تنقلات فى الداخلية أطاحت بجزء كبير ليس فقط من الضباط المتهمين بقتل الثوار ولكن المحسوبين على فكر ومنهج حبيب العادلى، صحيح أن النتائج ليست نموذجية لكن العجلة تحركت ودارت ويصعب على اي وزير للداخلية ان يسمح باستمرار احتكاك أى ضابط، فاسد أو مستبد، مع الجمهور إذا كان لا يستطيع إنهاء خدماته بالقانون.

ثالث النتائج هى التعهد الرسمى بوضع وثيقة حاكمة فى الدستور المقبل تتضمن المبادئ الأساسية التى تضمن مدنية الدولة وتمنع إى حزب او جماعة من اختطاف الدولة لصالح مشروعها الخاص سواء كان دينيا أو علمانيا.

رابع النتائج هو تحقيق مطلب الإسراع بمحاكمة الفاسدين والمجرمين وعلنية محاكمتهم، إضافة بالطبع إلى إخراج كل الوزراء والمحافظين المحسوبين على النظام السابق من السلطة.

خامس النتائج وهو الأهم، من وجهة، نظرى أن الاعتصام الأخير بعث برسالة قوية لكل من يهمه الأمر بأن الثورة حية وفاعلة وأن الالتفاف عليها صعب إن لم يكن مستحيلا.

سادس النتائج ــ وهو أيضا مكسب إستراتيجى ــ أن هذا الاعتصام أقنع أنصار الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين وجهاديين أن القوى الأخرى تستطيع التأثير فى الحياة السياسية فى ظل غيابهم وأنهم لا يحتكرون المشهد بمفردهم كما كان البعض يعتقد. وهذه النتيجة تحتاج إلى بيان وتفصيل لائق.
ما حدث من وجهة نظرى المتواضعة هو بمثابة ثورة تصحيح لمحاولات إجهاض الثورة الأصلية وإعادة وضعها على الطريق الصحيح.

هناك بالطبع أخطاء فرعية وقع فيها بعض المعتصمين وأساءت إلى الصورة العامة ــ مثل إغلاق مجمع التحرير أو التهديد بتعطيل المجرى المائى لقناة السويس أو قطع طريق الكورنيش بالإسكندرية وإغلاق البورصة أو الإصرار على الصدام مع المؤسسة العسكرية.

على المعتصمين الآن وفى أى وقت مقبل أن ينتبهوا لوجود مندسين يحاولون تشويه صورتهم وصورة الثورة، عليهم أن يركزوا على القضايا الرئيسية ويتركوا المختلف عليه، عليهم عدم المجازفة بخسارة الشارع او على الاقل الاغلبية العظمى منه.

يحق للمعتصمين أن يشعروا بالفخر لأنهم حققوا فى أسبوع ما عجزت عنه السياسة التقليدية منذ سقوط مبارك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved