دماءٌ.. على الشاطئ

أيمن الصياد
أيمن الصياد

آخر تحديث: الأحد 17 يوليه 2016 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

 

«هذا ما أوصلتنا إليه سياسة الهجرة والتسامح» ــ مارين لوبان زعيمة اليمين الفرنسي تعليقا على جريمة شاطئ نيس الدموية.

***

لم تكن مارين لوبان وحدها التي انتهزت فرصة «جريمة نيس» لتقذف إلى «الشاطئ» بطروحاتها وأفكارها «وأهدافها»، فكذلك فعل الإسرائيليون وكذلك فعل أيضا المتخفون خلف راية الحرب على الاستبداد دفاعا عن عروشهم وتبريرا لاستبدادهم وقمعهم.

ربط الإسرائيليون بين جريمة الدهس الفرنسية البشعة، وبين حوادث الدهس التي يقوم بها «اليائسون» المقهورون من الفلسطينيين تحت الاحتلال (أكرر، حتى تصبح المقارنة مستوفاة لأركانها: «تحت احتلال دام أكثر من نصف قرن من الزمان»).

ثم كان أن كرر بعضنا على مسامع الأوربيين: «ألم نحذركم..» في خطاب لا يختلف في نتيجته النهائية عن خطاب لوبان، أو حتى أكثر العنصريين الذين طالب بعضهم «بتوسيع دائرة الاشتباه». (بالمناسبة، أوباما الذي يتهمه ببغاواتنا بأنه رأس الحربة في الحرب الصليبية على الإسلام، كان عنيفا في رده على أولئك المطالبين بالتمييز ضد المسلمين على أساس ديني).

بغض النظر عما أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية صباح السبت، فقد كان في مفارقات المشهد المضرج بالدماء والغباء والخبث والسياسة دلالات علينا أن نأخذها بعين الاعتبار. ففي السابعة من مساء الجمعة (١٥ يوليو) كان مذيع القناة الفرنسية France 24 يعيد التأكيد على أننا «لا نستطيع، حتى هذه اللحظة القول بأن هناك بعدا (أيديولوجيا) للجريمة» (وزير الداخلية الفرنسي أكد ذلك أيضا «في حينه» مذكرا بالتاريخ الإجرامي / لا الإسلامي لسائق الشاحنة). على قناة أخرى ناطقة بالعربية، كان المذيع «المسلم» يستبق الجميع مصرا على ربط الواقعة المشينة بإرهاب «الإسلام السياسي». 

***

لن يستطيع سلاح مَهما بلغت قوته، أن يمنع سائق شاحنة «نيس» من أن يرتكب جريمته ويدهس العشرات. فأرجوكم فكروا مرتين

قد يكون سائق الشاحنة «الشيطانية»، الذي لم يعرف عنه أنه كان أصلا يصلي، منضويا بالفعل في إطار تنظيم الدولة. وقد لا تعدو المسألة أكثر من أن هناك من استغل لحظة ضعف أو يأس عن الشاب البائس، فدفعه إلى أن يهدم المعبد على من فيه. أيا ما كان أمره، وأيا ماكان أمر المتصيدين في مياه الريفيرا الفرنسية المضرجة بالدماء، فقد كان أن صعد إلى العناوين مرة أخرى ثنائية «الإسلام والعنف»، ثم كان أن اختلطت على الشاطئ المصدوم كل المفاهيم والمصطلحات،(هاشتاج «اخرجوا المسلمين من أوروبا» تصدر التغريدات الفرنسية على تويتر عشية الجريمة) مما قد يستوجب «تحريرا» يستدعي سطورا مما كتبنا من قبل في غير مناسبة شبيهة.

صحيحٌ تماما أن معظم ما نراه اليوم من عمليات وحشية، يقوم بها مسلمون. ولكن صحيحٌ أيضا أن معظم ضحايا تلك العمليات هم أيضا مسلمون. (راجعوا أرقام الضحايا في العراق وسوريا والصومال وأفغانستان).

وصحيح أيضا أن العنف وإن كان المسلمون قد عرفوه كغيرهم، إلا أنه لم يكن أبدا صناعة إسلامية صرفا، كما أن القتل خارج القانون، بل وحتى الذبح (وهو بشع ومدان ومجرم ووحشي بلاشك) ليس حكرا على قوم بعينهم ولا على أتباع عقيدة بعينها.

ثم يبقى من الصحيح أيضا أن على الذين يتصايحون مطالبين باجراءات أمنية وقمعية (وبحسم الحرب والسلاح) أن يدركوا حقيقة أن سلاحا مَهما بلغت قوته، لن يستطيع أن يمنع سائق شاحنة «نيس» من أن يرتكب جريمته ويدهس العشرات. لا تكون هناك أحيانا فائدة لطبول الحرب غير تخدير أولئك الراقصين حولها.. فاحذروا

لن أستدرج إلى «ما تقاذفه» المعلقون على مواقع التواصل الاجتماعي من محاولة «عنصرية» تفتقر للموضوعية لإثبات أى من الطرفين كان تاريخه الأكثر دموية أو عنفا. إذ أحسب أن الأهم أن نقرأ هنا وهناك التاريخ لنعرف، كيف يمكن أن يكون العالم أكثر تسامحا وأمنا. ورغم أن لا جديد في معلومات يعرفها القاصي والداني، وكنا قد أشرنا إليها هنا غير مرة، إلا أن السياق يحكم، وفي التذكير فائدة.

تقول لنا كتب التاريخ بوضوح إن الحضارة الغربية مرت بكل ما يبدو أننا نمر به الآن: العنف والدماء والحروب الدينية والتمييز على أساس طبقي بين سادة وعبيد في أمريكا، ونبلاء ومزارعين في أوروبا. وعلى أساس ديني بين الكاثوليك والبروتستانت، وبين المسيحيين واليهود. تمييزٌ قاد إلى حروب ودماء وإلى محارق الهولوكوست.

ولكن تقول لنا كتب التاريخ أيضا إن الحضارة الغربية عرفت كيف حوكم جاليليو بتهم الهرطقة عندما حاول أن يقول إن الأرض تدور حول الشمس. فتعلمت كيف أن «الاستبداد الديني» يتناقض مع نهضة تستلزم حرية فكر وإبداع.

وتقول لنا الكتب أيضا إن التاريخ الأوروبي عرف هتلر وموسوليني، فتعلمت الحضارة الغربية أيضا كيف أن «الاستبداد السياسي» يؤدي بالضرورة إلى فاشية عسكرية والفاشية العسكرية تؤدي بالضرورة إلى الدمار.

تعلم الغرب من تاريخه وتجاربه هذا وذاك، فكان أن أخذ طريقه إلى ما صرنا نحسده عليه؛ النهضة والتقدم والمستقبل.

***

أيا ما كان أمر المتصيدين في مياه الريفيرا الفرنسية المضرجة بالدماء، فقد كان أن صعد إلى العناوين مرة أخرى ثنائية «الإسلام والعنف»

في مواجهة هيستريا العنف والكراهية، ولأجل عالم أكثر تسامحا وفهما، وفي مواجهة طوفان الصور المرعبة، يحتاج بعض الأوربيين اليمينيين (كما يحتاج بعضنا بالمناسبة)، أن يعرفوا أن العنف والدماء والوحشية ليست صناعة إسلامية صرفا، فتاريخهم فيه من الدماء والحروب الأهلية و«العالمية» ما هو أكثر (عدد ضحايا الحرب الأهلية في إسبانيا ١٩٣٦ ــ ١٩٣٩ يصل إلى خمسمائة ألف، وعدد ضحايا الحربين العالميتين يتجاوز الستين مليونا).

ولأجل عالم أكثر أمنا، يحتاج المسلمون أن يتعلموا أن الديموقراطية التي يسمحون لمستبديهم بانتهاكها أو تزييفها، وأن حرية التعبير التي يتحسسون منها بدعوى(المقدس / الخصوصية الثقافية) هي التي قضت على العنصرية والعبودية في أمريكا وهي التي انتقلت بأوروبا من ظلام العصور الوسطى واستعلاء المستعمرين إلى ثقافة أكثر إنسانية وحضارة، وأكثر احتراما للآخر، وأكثر استعدادا للدفاع عن الحق والعدل (التظاهرات الأوروبية دفاعا عن غزة كانت دائما الأكبر حجما وتأثيرا). 

يحتاج الأوربيون أن يتذكروا، والمسلمون أن يتعلموا أن ثقافة الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان هي التي انتقلت بهؤلاء المستعمرين القدامى من همجيين يأتون بالسكان الأصليين ليتسروا بمشاهدتهم في أقفاص «حدائق الحيوان»، إلى مدافعين عن البيئة «وحقوق الحيوان»، وإلى منقذين يوميين لأولئك المهاجرين«غير الشرعيين» إلى سواحلهم المتوسطية.

كما يحتاج المسلمون قبل ذلك كله أن يتذكروا أن هذه «الثقافة الراقية» هي في الأصل بضاعتهم، وأن بعضا مما سهموا به؛ فلسفة وثقافة وفكرا حرا كان رافدا مهما لنهر حضارة تنير العالم اليوم. (ابن خلدون وابن رشد مثالا). ولكن عليهم أن يتذكروا أيضا أن ذلك كله كان قبل أن يأخذهم المستبدون «وفقهاؤهم» عبر تاريخهم الطويل إلى ما صرنا إليه من تخلف وفاشية. لا يختلف الحجاج بن يوسف الثقفي عن صدام حسين، كما لا يختلف فساد دولة أضاعت ما كان من مجد وحضارة «إنسانية» في الأندلس عن فساد هذا النظام أو ذاك في الدولة العربية الحديثة.

يحتاج المسلمون الذين يعيش مستبدوهم على ثقافة إنكار الآخر أن يعيدوا قراءة الآية «لكمْ دينكمْ ولى دين»، كما يحتاجون أن يُذكروا مستبديهم الذين يريدونهم«تابعين خاضعين» بإدانة كل حوار ونقاش وسؤال، أن إبراهيم عليه السلام لم يتردد أن يسأل ربه «كيْف تحْيى الْموْتىٰ*قال أولمْ تؤْمن*قال بلىٰ ولٰكن ليطْمئن قلْبى»

……

ثم.. أكرر: يحتاج هؤلاء وهؤلاء ــ مسلمون وغربيون ــ بعد كل هذه الحروب الفاشلة من أفغانستان إلى العراق، وبعد كل هذه التجارب من غض البصر عن الظلم والاستبداد والتمييز والفاشية «دينية وعسكرية» في منطقتنا تلك (بدعوى الاستقرار وتأمين النفط)، فضلا عن غياب السلام القائم على العدل (فلسطين نموذجا) أن يدركوا أن لا سبيل لمحاربة الإرهاب إلا بمحاربة الظلم والتهميش والتمييز والإقصاء.

***

حقيقي تماما أن في كثير من الخطاب «المتوارث» ما يؤدلج العنف والطريق إلى الدماء، ولكن حقيقي أيضا أن في كثير من سياسات التمييز والتهميش و«اللاعدل» في عالم اليوم (وفي شرقنا الأوسطي خصوصا) ما يستدعي ذلك الخطاب؛ كطريق أوحد إلى عدل السماء الذي افتقدناه على الأرض، كما أن من الحقيقي تماما أن قرونا من الاستبداد، استند فيها كل حاكم، في دولة الراعي والرعية إلى «فقيهه وسيافه»، لا بد أن تنتج هذه الثقافة «الأبوية» المركزية القاتلة، التي لا تعرف غير «السمع والطاعة». والانصياع إلى الأوامر، أيا كان مصدر هذه الأوامر؛ الخليفة، أو الرئيس، أو القائد العسكرى، أو الزعيم الملهم.. أو أمير الجماعة التي يطلب منك أن ترتدى حزاما ناسفا لتقتل الناس فتذهب إلى الجنة.

لا يعرف المجتمع المستبد، تفكيرا ناقدا حرا، كما لا يعرف من عاشوا فيه (أو في أفكاره) حتى ولو كانوا على الشاطئ الآخر من المتوسط، معنى الاختلاف، أو حق «الآخر» في أن يكون مختلفا (لأنه، على الأقل بحكم التعريف «آخر»).

***

الأهم أن نقرأ هنا وهناك التاريخ لنعرف، كيف يمكن أن يكون العالم أكثر تسامحا وأمنا

السؤال هنا ليس حول ضرورة التصدي للإرهاب، وعقاب الواقفين وراءه، وليس فقط الاكتفاء بإدانته. إذ أحسب أن لا عاقل يختلف حول ذلك. السؤال الحقيقي هنا هو: هل يكون ذلك بمزيد من الجهد للفهم، ومن ثم بإتاحة المزيد من الحرية والديموقراطية واحترام الآخر وحقوق الإنسان، أم بالبحث عن مزيد من إجراءات التقييد والقمع والمنع؟

أخشى أن يكون هناك من لم يتعلم من تجربة بوش العقيمة؛ «حربا على الإرهاب» والتي لم تأت للعالم إلا بمزيد من الدماء، بعد أن تجاهلت الأسباب الحقيقية للتطرف في منطقتنا الشرق أوسطية المنكوبة باستبداد أنظمتها الحاكمة من ناحية، وبالتمييز «واللاعدالة» في السياسات الدولية من ناحية أخرى.

كما أخشى أن نجد لدينا من لن يتوقف عن استثمار ما جرى لحسابات داخلية، فينفخ في النار محاولا استدراج الغرب «المصدوم» إلى الاصطفاف تحت اللافتة ذاتها، غاضا الطرف عن ممارسات قمعية وتمييزية هي في حقيقة الأمر التي هيأت التربة لنمو أفكار متطرفة تتغذى على ثقافة منغلقة يسهل ترويجها يبن المحبطين الذين يئسوا من أن يجدوا طريقا إلى العدل والمساواة.

على الغرب الذي اكتوى بموجات اللاجئين، وضربات الإرهابيين الحمقاء أن يدرك أنه في عالم «عولمي» بلا حدود، لم يعد هناك ما يمكن أن نعتبره قضية«محلية». فالإحساس بالظلم والتمييز والعنصرية، أيا كان نطاقه الجغرافي؛ محليا أو عالميا، وأيا كان مصدره؛ حاكما محليا مستبدا، أو نظاما عالميا يفتقد العدل والمساواة، لا يمكن لك في عالم اليوم أن تتكهن بأين ستكون عواقبه.

وعليه فإن كان الغرب جادا فعلا فيما يرفعه من شعار «الحرب على الإرهاب»، فليعلم أن عليه ليس فقط أن يكف عن براجماتية مهادنة المستبدين، بل عليه أيضا البحث عن نظام عالمي أكثر عدلا، لا يسمح للأغنياء باستغلال الفقراء أو ثروات أراضيهم، ولا يسمح باستنساخ صورة الاستعمار القديم في رداء شركات ضخمة متعددة الجنسيات. ثم عليه ألا يغض الطرف عن نتائج متوقعة لحديث عنصرى نسمعه في منطقتنا، بلا خجل عن نقاء «دولة يهودية» نافية للآخر.

***

في عالم «عولمي» بلا حدود، لم يعد هناك ما يمكن أن نعتبره قضية «محلية»

أثق في «القيم الفرنسية» التي عرفت في مثل هذا اليوم (الرابع عشر من يوليو) قبل أكثر من قرنين من الزمان (١٧٨٩)، أن «للحرية ثمن»، وأن الطريق إليها لم يكن أبدا سهلا. أما أولئك المفكرون الذين ما انفكوا يجترون مقولات «صمويل هنجتون» على ما فيها من منطق، فأرجوهم أن يدركوا أن هذا قرن جديد يتشكل، فلا تستدعوا من أعماق التاريخ صراعات القرون الوسطى وحروبها. هذا قرن جديد يتشكل لا مكان فيه لقوانين حروب عالمية أو حرب باردة حكمت القرن العشرين. 

في عالم جديد «بلا حدود»، لم تعد هناك واقعيا حدود لثقافة أو معتقد. لن أقول كما يقول الحالمون هنا، أو المحذرون هناك بأن الإسلام هو دين أوروبا القادم. كما لن أصفق، أو أضع خطا أحمر تحت الإحصاءات التي تقول لنا إن «الإسلام هو الديانة الثانية في بلجيكا»، إذ رغم أن المعلومة صحيحة ودقيقة، إلا أن فهما«موضوعيا» يتحرر من الأحلام والمخاوف لابد أن يلتفت إلى حقيقة أن عدد المسلمين في بلجيكا (رغم أنها الديانة الثانية) لا يتجاوز الـ٥.٩٪. والأكثر منطقية وتحضرا وفهما لطبيعة «عصر اللاحدود»، أن يتوقف المتحدثون عن «غزو أوروبا»؛ تهليلا هنا، أو تحذيرا هناك. وأن يدرك الجميع أننا بصدد بناء ثقافة«عولمية» جديدة، هي بحكم طبيعة «عصر اللاحدود»، ستصبح بوتقة تنصهر فيها ثقافات وحضارات، كل بقدر ما يسهم من فكر قابل للاندماج واستيعاب الآخر، الذي هو بحكم طبائع العصر وحقائق الجغرافيا أصبح موجودا بين ظهرانينا. 

علينا، هنا وهناك أن ندرك أن هذا باختصار عصر لا مكان في مستقبله «للفتوحات» أو «للحروب الصليبية».

أرجوكم اقرأوا أمين معلوف ووائل حلاق، وانظروا في كتاب طارق رمضان «To be a European Muslim»

 

***

وبعد..

فقد كنا قرأنا في كتب الأنثربولوجيا كيف كان الرقص حول الدماء طقسا لبعض القبائل البدائية، بعضها كان يعتبره من قبيل العبادة. وبعضهم كان يعتبرها مصدرا للقوة. وللأسف يبدو أن المشهد «الميثودولوجى» القديم مازال كامنا في زوايا الصورة. فها هم المنساقون أيديولوجيا يعتقدون أن طريق الجنة مُعَبَّدٌ بالدماء.، وها هم الباحثون عن السلطة (أو المتمسكون بها) لا يتوروعون أن يستثمروا صورها؛ تخويفا وتجييشا تحت راية «الحرب على الإرهاب». أما الآمنون على رمال الشاطئ الهادئ، أو في أزقة الشرق الأوسط الفقيرة فوحدهم يدفعون الثمن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة الكاتب:

twitter: @a_sayyad

Facebook: AymanAlSayyad.Page

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة:

ـ عن الخليفة والأمير والرئيس .. والثقافة الحاكمة

ـ الدانمارك ٢٠٠٥ ـ باريس  ٢٠١٥

ـ محاولة للفهم تتجاوز الإدانة

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved