الطريق إلى برلمان متوازن

مصطفى النجار
مصطفى النجار

آخر تحديث: الجمعة 17 أغسطس 2012 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

شهور قليلة تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية القادمة بعد حل البرلمان السابق ومازال المشهد السياسى الحزبى يشبه كثيرا نفس الأوضاع التى كانت تسبق الانتخابات البرلمانية الماضية، هناك متغيرات جديدة فى المشهد مثل وصول الاخوان لمنصب رئيس الجمهورية وتشكيلهم للوزارة الجديدة ولكن بتدقيق النظر للمشهد الحزبى والدخول فى تفاصيله قد نستطيع قراءة الخريطة السياسية داخل البرلمان القادم.

 

•••

 

نبدأ بالأحزاب الاسلامية الرئيسية وهى الحرية والعدالة والنور السلفى اللذاين حصلا على أغلبية كبيرة فى الانتخابات السابقة تمكنا بها من السيطرة على البرلمان ولجانه وأغلب مناصبه وكذلك اللجنة التأسيسية للدستور والواقع عكس ما يبدوا للبعض، تعانى هذه الاحزاب من أزمة كبيرة سببها الاداء غير المرضى لشرائح كبيرة من الشعب راهنت على هذه الأحزاب ووثقت فيها.

 

يدفع حزب الحرية والعدالة نتيجة أخطاء الاخوان السياسية التى تراكمت خلال الشهور الماضية والتى صنعت صورة ذهنية سلبية عند كثير من المواطنين بنهم الاخوان فى السلطة ومحاولتهم الاستئثار بكل شىء، كما لعبت بعض وسائل الاعلام دورا هاما فى اذكاء هذه الصورة ومضاعفة المخاوف والهواجس من الاخوان.وعبر استطلاعات رأى مختلفة قامت بها بعض مراكز الابحاث هناك أكثر من 20% من الذين صوتوا للاخوان فى الانتخابات الماضية قالوا أنهم لن يعطوا أصواتهم للاخوان مرة أخرى وأنهم ندموا على التصويت لهم بينما أكد حوالى 15 % أنهم لم يعودوا يثقون فى الاخوان ولكنهم لا يجدون بديلا عنهم يصوتون له فى الانتخابات القادمة وقد يضطرون للتصويت للاخوان مرة أخرى بسبب غياب البديل.

 

وبالإضافة لهذه الاتجاهات التى ستتراجع عن تأييد الاخوان، هناك اشكالية كبرى تواجه الاخوان وهى أنهم صاروا فى سدة الحكم عقب انتخاب الرئيس ولذلك فان مرشحى اى حزب حاكم لا يستطيعون وعد الناس بوعود انتخابية تغير حياتهم للأفضل اذا وصلوا للسلطة لأنهم بالفعل يمارسون الحكم. وسيتم تحميلهم كل اخفاقات الرئيس المنتمى اليهم اذا لم يستطع انجاز وعوده التى أعلنها فى معركة الانتخابات الرئاسية.

 

لكن تبقى قوة الاخوان الضاربة فى ماكينتهم التنظيمية العملاقة التى تستطيع أن تدير عملية الانتخابات بعيدا عن هذه التأثيرات بشكل نسبى على المستوى المحلى الضيق فى الدوائر ،خاصة اذا تم تغيير النظام الانتخابى والرجوع للنظام الفردى بالكامل والغاء نسبة القوائم التى يمثل بقاؤها خطرا أكبر على نسب الاخوان فى البرلمان القادم لسهولة التجييش والشحن الجمعى ضد قوائم حزب الاخوان وقد يكون من مصلحة الاخوان العودة للنظام الفردى.

 

•••

 

على الجانب الاخر يبقى حزب النور السلفى فى ظروف أفضل نسبيا من الاخوان، قد تضمن عدم تأثر نسبته فى البرلمان القادم بشكل كبير واختلاف السلفيين عن الاخوان فى كتلتهم التصويتية المصمتة التى تتحرك بحشد رموز السلفية ومشايخها والتى من الصعب تغيير اتجاهاتها لأنها تتحرك فى اطار عقائدى يغلب هذا الجانب على ما سواه. ورغم ما حدث من ضعف أداء برلمانى للسلفيين ــ باستثناء بعض النواب ــ وتفجر قضايا مثل البلكيمى وغيره فان التيار السلفى يعتمد على رأس ماله الاجتماعى والعقائدى الذى من الصعب خلخلته.

 

أما كتلة الاخوان التصويتية فليست كتلة مصمتة مثل السلفيين لأن الاخوان يحصدون أصوات أفرادهم ودوائر المقربين منهم وكذلك أصوات لا تنتمى للاخوان ولكنها ترى أن الاخوان هم التيار القوى الذى يستطيع قيادة البلاد فى ظل حالة غياب البديل بين القوى السياسية الاخرى.

 

أما الأحزاب الاسلامية الاخرى مثل الاصالة والبناء والتنمية وغيرها فلن تزيد نسبتها غالبا وسيتوقف نجاحها على شكل التحالفات الانتخابية التى ستكون طرفا فيها.

 

•••

 

وبالانتقال إلى الأحزاب المدنية الليبرالية واليسارية القائمة، يزداد تعقد الصورة وضبابيتها نظرا لحالة التفتت المستمرة وصعوبة بناء تحالف سياسى وانتخابى واسع يستطيع أن يقدم البديل الذى يختاره الشعب.

 

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved