هامش للديمقراطية.. طيور الظلام وأصوات الديمقراطية فى صحف وحوليات التاريخ

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الخميس 17 أكتوبر 2013 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

نعود إلى البدايات: كما يندر أن تغيب عن الدول والمجتمعات الديمقراطية أسراب «طيور الظلام» المروجة للعصف بحقوق وحريات المواطن باسم مواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية والفاشية وتزييف الوعى وكراهية وإقصاء الآخر المصنف كعدو فى الداخل أو الخارج ـــ يندر أن تختفى أو تخفت تماما الأصوات المدافعة عن الحقوق والحريات فى الدول والمجتمعات غير الديمقراطية أو التى تتعثر بها مسارات التحول الديمقراطى.

فالقوانين التى مررت فى الولايات المتحدة وبعض الديمقراطيات الغربية بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وقيدت الحريات المدنية وممارسات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التى تورطت فى التجسس والتنصت على المواطنات والمواطنين وعالميا وفى اعتقالات استثنائية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وتجاوز مرعب لسيادة القانون ـــ لم تعدم أبدا من يؤيدها ويدافع عنها باسم «تحقيق الأمن» بين البرلمانيين المنتخبين وفى السلطة التنفيذية المنتخبة وبكل تأكيد بين موظفى العموم المعينين فى مؤسسات وأجهزة الدولة. وفى المقابل، يمتلك بعض الكتاب والحقوقيين والناشطين فى المجتمع المدنى وقليل من السياسيين شجاعة معارضة الانتهاكات الممنهجة للحقوق وللحريات التى ترتكبها نظم الحكم الاستبدادية والسلطوية وتتورط بها النخب فى الدول والمجتمعات التى يتعثر تحولها الديمقراطى كمصر اليوم، ولهم شجاعة وفضل مواجهة مقولات فاشية كراهية وإقصاء الآخر وفرض الصمت إلا تأييدا على مواطنات ومواطنين يتحولون إلى كيان جماعى مستتبع (كما أشرت مرارا خلال الأشهر الماضية).

وإذا كانت صحف وحوليات التاريخ البشرى خلال القرن العشرين وفى العقود الماضية تسجل التفاصيل والتداعيات الكارثية لأدوار طيور الظلام المروجين للعصف بالحقوق والحريات والمتورطين فى تزييف الوعى الذين زجوا بدولهم ومجتمعاتهم إلى أزمات كبرى، فإن ذات الصحف والحوليات ترد أيضا على ذكر أدوار الأصوات الشجاعة التى نبهت وحذرت وواجهت الانزلاق إلى الفاشية والكراهية وقاومت موجات شعبية عاتية دون حسابات مصالح ضيقة ورفضت تغييب الضمير والموقف المبدئى بغية السير مع الرائج والمقبول. هكذا تسجل صحف وحوليات التاريخ البشرى، الذى يكتب دوما بمسطرة الحق والحرية والمساواة والعدل والسلم ويحوى وإن تنوعت التفاصيل تقييما إيجابيا للأفعال التى تقرب منها وآخر سلبيا لما يبعد عنها، أسماء وأدوار طيور الظلام الذين تزعموا أمريكيا وأوروبيا خلال السنوات الأخيرة «الحرب على الإرهاب» ودافعوا باستماتة عن أبو غريب وجوانتانامو وضربات الطائرات بدون طيار وتقدم بعضهم من البرلمانيين بمقترحات قوانين تعصف بالحقوق والحريات المدنية. وتسجل أيضا أسماء وأدوار أصحاب «الشجاعة المدنية والقيم الإنسانية» الذين قاوموا خلال القرن العشرين وفى ظروف الاستبداد والقمع وغياب الديمقراطية أو تعثرها النازية والعداء للسامية وفاشية الحزب الواحد فى الكتلة السوفييتية السابقة والديكتاتوريات العسكرية فى أمريكا اللاتينية والعالم العربي، أو رفضوا مقولات كراهية وإقصاء الآخر ودهس الحقوق والحريات التى تغزو مصر اليوم، أو وقفوا فى مواجهة تراجع دولهم ومجتمعاتهم عن التنظيم الديمقراطى وتورطهم فى العصف بالحقوق والحريات على النحو الذى جسده المواطن الأمريكى سنودن الذى كشف تورط الحكومة الأمريكية فى التجسس والتنصت عالميا.

وليتيقن الجميع فى مصر اليوم من أن صحف وحوليات التاريخ ستسجل الأسماء والأدوار والمواقف بشأن قضايا الحقوق والحريات، وستميز بين طيور الظلام والمتورطين فى تزييف الوعى والترويج للفاشية وراكبى موجة الكراهية العاتية الراهنة وبين الأصوات صاحبة شجاعة الدفاع عن القيم الإنسانية وعن حقنا فى دولة ومجتمع تصان بهما الحقوق والحريات بعيدا عن المواقف السياسية ويحترم بهما القانون ويدار بهما الشأن العام عبر صندوق الانتخابات، وستفرق بين مؤيدى الطوارئ والإجراءات الاستثنائية وتجريم التظاهر فى قانون وبين رافضى هذا الانزلاق بعيدا عن مسار ديمقراطى حقيقى.

تيقنوا من ذلك.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved