عار كشف العذرية وفنتازيا الوثيقة

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الجمعة 18 نوفمبر 2011 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

ماذا فعلنا لكى نتعامل مع «العار» الذى يطارد الجميع متمثلا فى اخضاع المتظاهرات اللاتى قبض عليهن لكشوف العذرية؟ وهل ستكون القضية حاضرة فى مليونية السلمى؟

 

لقد عشنا أسابيع مع العرض المثير لوثيقة السلمى، التى ألقيت فى الساحة بدهاء وفى توقيت جرى اختياره بعناية لكى تتحول مصر إلى برج بابل، ويشتبك الجميع، على نحو فادح، وفى نهاية المطاف ينفض المولد على لا شىء.

 

إن معنى التخفيضات التى أجراها السلمى على وثيقته أن كل شىء لايزال يجرى فى مصر بمنطق المقايضة و«الفصال» حتى ونحن بصدد كلام عن مبادئ دستورية، ما يدفع للتساؤل لماذا إذن تم اقتياد مصر إلى هذا الجحيم المستعر بالنقاش فى هذا التوقيت العصيب، ثم ينتهى الأمر على الطريقة القديمة جدا؟

 

لقد هبط مؤشر الحماس والحشد الرهيب لمليونية الجمعة ليلة الأربعاء بشكل مفاجئ، وكأن أحدا سكب إناء من الزيت المغلى فوق جبل من الجليد، بعد أن أعلن السلمى أن ما قاتل من أجله طوال أسابيع وأدخل الجميع فى حرب حوله ليس سوى مبادئ استرشادية غير ملزمة لأحد سوى الموقعين عليها، ثم ارتفع المؤشر فجأة مرة اخرى قبل أربع وعشرين ساعة من الموعد، ولا يعلم أحد ماذا ستحمل ليلة الجمعة من مفاجآت.

 

ولو تأملت الأسابيع التى انحشرت فيها مصر داخل موضوع الوثيقة ستجد أنها شهدت كما كبيرا من المحاكمات العسكرية لمدنيين، دون أن يستفز هذا الأمر تيارات بعينها كان من المنتظر أن تتخذ موقفا أكثر وضوحا ضد هذه الإجراءات، بما بدا معه وكأن المجتمع أصيب بشىء أقرب إلى نقص المناعة ضد محاكمة المصريين عسكريا، كما دخل وعد «العسكرى» بإصدار قانون العزل السياسى للفلول حيز النسيان، فى الوقت الذى رسخ فيه الفلول أقدامهم أكثر على الخارطة الانتخابية.

 

لكن الأخطر من كل ذلك أن يبدو المجتمع وكأنه أبدل جلده بآخر أكثر سمكا وخشونة ما جعله لا ينشغل كثيرا بما أثارته محكمة العفو الدولية عن العار الذى يطارد مصر كلها بإخضاع فتيات من المتظاهرات لكشف العذرية فى المقار التى تم اقتيادهن إليها بعد القبض عليهن من الميدان.

 

لقد استهلكت الجماعة الوطنية كل طاقتها فى أتون الاستقطاب حول الوثيقة، اتسعت معه الفجوة بين شركاء الثورة / فرقاء الوثيقة، وعدنا إلى تلك الأجواء المسمومة المصاحبة لفتنة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وتآكلت من جديد مساحات التوافق، وتلاشت نقاط الالتقاء حول مبادئ عامة تمثل الحد الأدنى من علامات الصحة النفسية لمجتمع مفترض أنه توحد واصطف حول هدف وحيد فى ثورة 25 يناير.. بينما لم نسمع أن أحدا أقام الدنيا وأقعدها بعد ما تكشف عن فضيحة كشوف العذرية، ولم يطلق أحد صيحة غضب ضد انتهاك إنسانية حرائر مصريات فى عز الثورة.

 

ولو أن هذه القوى التى تداعت وحشدت واحتشدت لمليونية الوثيقة، كانت قد استنفرت وحشدت بالهمة ذاتها لمليونية تطالب بإصدار قانون العزل أو إفساد الحياة السياسية لما كنا نعيش مهزلة انتخابات الفلول، وفلول الانتخابات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved