الإسلام كما أدين به.. 3ـ ربنا، ب- صفات جماله

جمال قطب
جمال قطب

آخر تحديث: الخميس 17 ديسمبر 2015 - 10:42 م بتوقيت القاهرة

تشرفنا فى اللقاء السابق بذكر بعض صفات الكمال الإلهى، تلك الصفات التى تطمئن العابد أن معبوده متفرد لا يحتاج لشىء، ولا يعجزه شىء، بل هو صانع وخالق ومسخر كل شىء. واليوم نزداد شرفا بذكر بعض أوصاف «الجمال الإلهى». وحينما نقول صفات الجمال الإلهى، فلا شك أننا نتكلم عن جمال الرحمة بعباده، وجمال إحسانه جل جلاله إلى خلقه، وجمال إكرامه وبره بسائر المخلوقات. وأبرز وأقرب صفات الجمال الإلهى «صفة الرحمة»، فقد سمى نفسه «الرحمن» أى: خالق الرحمة، والرحيم: أى موزعها على قلوب الخلق بشرا وغير بشر، كما جمع القرآن بأن رحمة الله أكبر من أن يحاط بها، وأوسع من كل شىء، فانظر قوله تعالى ((.. ورحْمتى وسعتْ كل شيْء..)، و((.. ربكمْ ذو رحْمة واسعة..)، بل يشير سبحانه وتعالى إلى أحد ألوان رحمته فيقول ((وربك الْغفور ذو الرحْمة...))، وهو جل شأنه {أرحم الراحمين}. وقارئ القرآن يحس أن الرحمة صفة عامة غالبة على غيرها من الصفات، حيث إن الله جل جلاله قد اختار صفتى الرحمن الرحيم من بين جميع الأسماء الحسنى ليبدأ بها كل سورة فى القرآن، فلا تدخل إلى أى سورة من سور القرآن إلا من باب «الرحمن الرحيم».
ــ2ــ
ومن صفات جماله سبحانه أنه هو «السلام»، أى الذى يسالم جميع الناس بل ويدعوهم إليه ((والله يدْعو إلى دار السلام ويهْدى...))، فليس بين الله وأحد من خلقه خصومة ولا ندية، وكيف يخاصمهم وهو خالقهم ورازقهم وراحمهم وحافظهم؟! اللهم إلا أن يتعامى العبد عن خالقه ورازقه ثم يسلك المعاصى والإفساد والأضرار، فحينما ينال عقابه على سوء أفعاله لا يكون الله قد عاداه أو خاصمه، بل هو الحساب والحفاظ على سلامة العالم من الإفساد والمفسدين. إنه جل جلاله السلام يمنح السلام لكل من يطلبه وكل من يسعى إليه، فهو السلام ومنه السلام وإليك يعود السلام من عبادك الشاكرين.
ــ3ــ
ومن صفات جماله جل شأنه أنه هو «اللطيف»، فهو لطيف يغيث الملهوف، ولا يتأخر عمن يناديه، وهو اللطيف فى تقديره وتدبيره، واللطيف فى خلقه وتسييره، وهو اللطيف فى جزائه وحسابه. فاللطيف سبحانه لا يرى بالإبصار، بل تحس القلوب لطفه وحفظه ورعايته... وهو اللطيف فى منحه وعطائه، فإذا أعطى فبكرمه سبحانه، وإذا منع فمن حكمته جل شأنه رحمة وعلما بما يناسب العبد.
ــ4ــ
ومن صفات جماله جل جلاله أنه هو «الحليم» يطلع كل لحظة على خطايا العباد فيتجاوز عنها، ويمدد للمخطئ العاصى ويمهله حتى يرجع ويتوب، فالـ«حليم» جل جلاله يتجاوز عن السقطات والهفوات، بل يفتح باب التوبة دائما حتى آخر لحظة فى قدرة الإنسان، فإن تاب ورجع غفر له كل ما فات، بل تراه جل جلاله يحسن إلى عباده، فإذا اعتدل المخطئ و«فعل حسنة» تقبلها وجعلها سترا ومحوا لما سبق قبلها من السيئات، ألم تسمع قوله تعالى ((... إن الْحسنات يذْهبْن السيئات.. )) وأكثر من ذلك، فإن العاصى إذا أقلع عن المعصية واتخذ طريق التوبة، فمن حلمه وكرمه لا يكتفى بمحو السيئات، بل يبدل لعبده بحسنات توضع فى كتابه وميزانه يوم القيامة، وذلك كما جاء فى القرآن الكريم ((إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهمْ حسنات وكان الله غفورا رحيما )).
ــ5ــ
ومن صفات جماله جل جلاله أنه هو «التواب» وهو «الغفور» وهو «العفو»، فهو يتوب على من أساء ثم رجع، بل هو سبحانه قد شرع التوبة وفتح بابها إلى آخر الدهر حيث يقول ((قلْ يا عبادي الذين أسْرفوا على أنفسهمْ لا تقْنطوا من رحْمة الله..)). وبعد أن شرع التوبة، علمها لآدم وأولاده: ((فتلقى آدم منْ ربه كلمات فتاب عليْه إنه هو التواب الرحيم))، وبعد أن شرعها وعلمها لآدم قرر جل جلاله أن يقبلها من كل من يقدمها ولا يؤخرها، وهو «العفو» الذى يمحو الآثار السيئة السابقة، فإذا تاب العبدلا يجد فى صحيفته يوم القيامة ذنبا. إنه هو «العفو»، فتسأله سبحانه وتعالى أن يعفو عن كل واحد فينا، وأن يعفو عن الأمة فى جميع شئونها، وأن يقدم لها مخرجا مما حاق بها، فإنه جل جلاله إذا عفا وصفح زالت العقبات وتلاشت الأخطاء، واتضح طريق الصراط المستقيم فيتجه الجميع إليه.
يتبع،،،،

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved