على بابا

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 18 يناير 2019 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

بارك الله فى اليوتيوب، فقد أتاح لنا مشاهدة ما كنا نبحث عنه دوما، ولم نتمكن من رؤيته، وفى المسيرة كم كنت أتوق لرؤية الفيلم الفرنسى «على بابا» الذى أخرجه جاك بيكر عام 1954، وقامت ببطولته سامية جمال فى دور مرجانة أمام الممثل الكوميدى المشهور فرناندل، فكم قرأت مقالات الاعجاب به فى الصحف والمجلات الفرنسية خاصة صفحات السينما، وكم رأيت صور سامية جمال باعتبارها لا تقل جاذبية وسحرا عن نجمات السينما فى فرنسا، والحقيقة أن أملى لم يخب، ورغم النوم الذى يغالبنى قرب ساعة الفجر فإننى شاهدته بشغف شديد، وأنا المعجب للغاية بالممثل فرناندل، الذى كان أقرب فى ملامحه وأسلوبه إلى إسماعيل يس، وهو تشابه غريب للغاية صنعه القدر لكن مع الفارق، أن السينما الفرنسية صنعت من فرناندل ايقونة عالمية، أما اسماعيل يس فرغم مكانته لدينا فإننى كم تمنيت أن يكون معروفا على المستوى العالمى، لكن المسألة تذهب فى المقام الأول إلى سامية جمال، فهذا الدور أشبه بأشعة شمس براقة انعكست على الفنانة وهى تقوم بدور مرجانة، وترقص كما الفراشة المتعددة الألوان، أو مثل حية بالغة الحيوية، وهى تتمايل أمامنا، وأبطال الفيلم تسحرنا، وكل ما أعرفه أن السينما الأمريكية استعانت بها فى الفترة نفسها لترقص فى فيلم «وادى الملوك». سامية رقصت فى الفيلم مثلما رأيناها فى أفلامها أمام فريد الأطرش، خاصة «عفريتة هانم» لكن الكاميرات الفرنسية كانت بالغة الاشراق. الفيلم يدور حول على بابا الذى اشترى فتاة عذراء جميلة من سوق الجوارى لحساب صديقه قاسم، اسمها مرجانة، وبعد أن رآها ترقص، وسرعان ما أخذها ليعطيها إلى قاسم، ولم يهتم فى البداية بشراء الببغاء الذى تحبه، وفى بيت الصديق عز عليه أن يتركها، وأحس بالتعاطف معها، خاصة انها بدت ميالة اليه وأبدت استياءها بعد أن أدخلها سيدها إلى مخدعه وسرعان ما عاد على بابا ليشترى الببغاء، لكن لصوص الطريق قاموا بالهجوم عى القبيلة، واكتشفنا أن الذى باع الجارية هو أبوها لحاجته إلى المال، ودون ان يدرى اللصوص فإنهم وصلوا إلى المغارة الصخرية دون مشاهدة على بابا، يدخل معهم، حيث توجد الكنوز الكثيرة التى سبق لهم سرقتها، وبعد انصراف اللصوص، يأخذ على بابا من العملات الذهبية ويعود إلى قصر قاسم، ويحاول استعادة الجارية، ويعرف قاسم بأمر المغارة فيصطحب صديقه الذى يعتبره مثل ابنه، وهناك يشاهدهما زعيم اللصوص بعد أن أخذا ما خف حمله، وزاد ثمنه، ويبدأ فى تتبعهما، وفى اليوم الذى سيتزوج فيه على بابا من جاريته فإن زعيم اللصوص يأتى مع رجاله لاستعادة ثروته، لكن يتم القبض عليهم، وتذهب العروس مع حبيبها الذى كان قد حررها قبل ذلك.
حاول الفرنسيون أن يقدموا معالجة لقضية الحرية التى تؤرق المجتمع الفرنسى، فعلى بابا يطلق سراح حبيبته ويعلن حريتها وقدرتها على اختيار حبيبها بنفسها، ولذا فإن أول شىء يفعله هو أن يذهب إلى والد مرجانة ويعيدها اليه ولكن الأب يقوم مرة أخرى بالعودة إلى سوق العبيد لبيع ابنته، ويشتريها على بابا مجددا، كى يحررها ويعيدها إلى حريتها، هذه الفكرة تعالجها السينما الفرنسية مرارا، ولا تعنينا أبدا فى الأفلام التى تدور فى هذه الأزمنة مثل «أمير الانتقام» و«أمير الدهاءى.
من المعروف أن شخصيتى على بابا وعلاء الدين، ليستا موجودتين فى حواديت الف ليلة وليلة الأصلية، لكن المستشرق الفرنسى أنطوان جالان الذى ترجم الف ليلة وليلة إلى اللغة الفرنسية هو الذى ألف هذه الحكايات، لذا فإن السينما العالمية حولت هذه القصص إلى افلام أكثر من بقية قصص الف ليلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved