الهلال الجحيم!

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأربعاء 18 يونيو 2014 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

تنذر التطورات الخطيرة فى العراق بحرب مذهبية اشتعلت شرارتها الأولى فى سوريا. تهدد بالامتداد إلى لبنان وعبر حدود أخرى. ما كانت التنظيمات الإرهابية لتتغذى على مظالم أهل السنّة فى الهلال الخصيب ولتحوله جحيماً بعدما سماه البعض شيعياً. أخشى ما يخشاه كثيرون أن تصير الحرب على الإرهاب غطاء لحرب شيعية ــ سنية يستحيل لجمها سنوات، وربما عقودا مقبلة.

نعم، التاريخ كله ملؤه عبر ودروس يمكن الإفادة منها. ولكن لا جدوى الآن خصوصاً من فتح دفاتر الماضى وكيف جرّ السيد الفرنسى جورج فرنسوا بيكو والسير البريطانى مارك سايكس قلميهما فى ليلة ليلاء لتقاسم تركة السلطنة العثمانية التى عاشت ستة قرون. سنة ٢٠١٦، يكون اتفاق سايكس ــ بيكو عمّر قرناً كاملاً. طوى الأمر. لن ينفع كثيراً البحث عن الأمكنة والظروف التى صعد منها الإرهاب الإسلامى ليشكل تهديداً دولياً. تكاد أخطاء جورج بوش لا تعد ولا تحصى فى دفع الجيوش الأمريكية إلى غزو أفغانستان والعراق وتغيير قواعد النظام الإقليمى الذى أنشئ بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.

يلوذ البعض بأن «الحق على الأمريكان». ولكن مهلاً، لعل ايران كانت المستفيدة الأولى إذ أن الولايات المتحدة خلصت العالم وخلصتها من جارين لئيمين: البعث و«»طالبان». توافرت لها فرص مد النفوذ وعرض العضلات عبر المنطقة العربية، وخصوصاً حيث جماعات شيعية الهوية أو الهوى. لم تغفل قط عن بناء قدراتها الذاتية، بما فى ذلك عبر برنامجها النووى المثير للجدل. غير أن نفوذ الجمهورية الإسلامية عبر «الهلال الشيعي» - وفقاً للتسمية التى أطلقها الملك عبد الله الثانى بن الحسين ــ- لم يكن فرصة لتكريس مبدأ تقاسم السلطة وتداولها فى العراق أو لمبدأ الإنتقال الديمقراطى فى سوريا أو للمحافظة حتى على الصيغة التعددية التى قام عليها لبنان. تتعرض هذه الدول لاضطرابات متوالية. تعانى الآن كلها خطر الإرهاب. يجب على طهران أن تقدم مساهمة جوهرية فى الحرب العالمية على الإرهاب من غير أن تجازف بتأجيج حرب طائفية لا تبقى ولا تذر.

يحق لرئيس الوزراء العراقى نورى المالكى أن يشعر بالهلع من زحف مقاتلى «الدولة الإسلامية فى العراق والشام»، (داعش) عبر المحافظات ذات الغالبية السنية وفى اتجاه بغداد. تحققت المخاوف من امتدادات الكارثة التى تشهدها سوريا، ليس فقط بسبب هذا التنظيم و«جبهة النصرة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية، بل أيضاً وأولاً من النظام البطاش للرئيس بشار الأسد فى دمشق. لم تظهر بعد خطورة ما يعنيه تورط «حزب الله» فى سوريا، وأخطر ما فى الخلايا النائمة لتنظيم «القاعدة» فى لبنان.

قد تتمكن الولايات المتحدة من تقديم مساعدات عسكرية تعزز قدرات دول المنطقة فى حربها على الإرهاب. غير أن ذلك قد لا ينفع كثيراً إذا لم تنفذ دول المنطقة ما يتوجب عليها من إصلاحات سياسية.

لم يحصل ما يجرى الآن بومضة عين.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved