الحرية والعدالة المنحل.. العدالة والتنمية الحاكم

أحمد سمير
أحمد سمير

آخر تحديث: الإثنين 18 أغسطس 2014 - 3:30 م بتوقيت القاهرة

أتفهم أن تكره أردوغان لأنه يهاجم السيسي أو أن تحبه لأنه يدافع عن مرسي.. لكن أن تحبه أو تكرهه لأنه "إسلامي مثل الإخوان"

"مثل الإخوان".. هذا سبب غريب لحب أو كراهية أردوغان..

(1) أنقرة 2012

"نحن موجودون فى كل عزاء، ونشارك في كل مناسبة، نقدم وجبات إفطار في رمضان ونساعد الفقراء".

هكذا حدثنا أحمد بيرات نائب البرلمان التركي عن العدالة والتنمية خلال زيارة لمجموعة من المهتمين بالشأن التركى لمقر حزبه للاطلاع على ما يسمى بـ "النموذج التركي".

بدا الحزب مشابها لأحزابنا الإسلامية، فهو متواصل مع الناس ويقدم لهم خدمات، وحينما تسير داخل مقره بأنقرة تشعر بأنك داخل مسجد، فالفتيات ملتزمات بالحجاب وما أن تنتهى أى حلقة نقاشية حتى تجد شخصا خلفك يذكرك بموعد الصلاة.

صلاة وحجاب وخدمات للفقراء.. يبدو حزب إسلامى يشبه من كانوا يحكموننا.

لكن الأمر ليس كذلك..

(2) القاهرة 2007

محمد مرسي كتب في مقال نشر له عام 2007 بعنوان (الإخوان المسلمون والأحزاب الإسلامية المعاصرة) عقب فوز أردوغان للمرة الثانيه بتركيا أن "العدالة والتنمية يختلف عن الإخوان اختلافًا بيِّنًا في الأصول والثوابت والأهداف والغايات والوسائل والآليات".

أصول وثوابت وأهداف وغايات ووسائل وآليات.. تقريبا الشىء الوحيد الذى لم يشر مرسي إلى أنهم يختلفون فيه مع العدالة والتنمية هو الديانة.

وفسر مرسي هذا الاختلاف بينهم وبين "العدالة والتنمية" بأن الحزب التركي "يعلن موافقته ورضاه على علمانية الدولة بالمفهوم الغربي المعروف ويختلف عن هدفنا الأساسي الكبير، وهو أن يكون للمسلمين دولةٌ مسلمةٌ".

يواصل مرسي في مقاله الذي نشر بموقع الجماعة الرسمى نسف أى تصور لوجود تشابه بينهم فكتب: "مَن أراد أن يصف حركته أو حزبه بأنه إسلامي فلا بد أن يكون الإسلام في سلوكه وفي أهدافه، وإلا فإنَّ العبرةَ ليست بالألفاظ والمباني ولكنها بالمعاني".

العبره بالمعانى..

وهكذا فاحتلال الاقتصاد التركي المركز الـ 17 عالميا على يد العدالة والتنمية، والإصلاحات التشريعية التى قادها الحزب لمنع إغلاق الأحزاب، وزيادة المدنيين في مجلس الأمن القومي والاحتكام إلى الاتفاقات الدولية في مجال الحريات.

كل هذا وفقا لمرسي "ألفاظ ومبانى".

يذكر أن أكبر مظاهرات في تاريخ مصر خرجت ضد مرسي بعد عام واحد من وصوله للحكم.

(3) القاهرة 2011

عندما زار أردوغان مصر في سبتمر 2011 دعا المصريين إلى صياغة دستور يقوم على "مبادئ العلمانية"، وقال: "الآن في هذه الفترة الانتقالية وما بعدها أنا مؤمن بأن المصريين سوف يرون أن الدول العلمانية لا تعني (اللادينية)، وإنما احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد الحرية في ممارسة دينه".

المتحدث باسم الإخوان محمود غزلان عقب قائلا "ظروف تركيا تفرض عليها التعامل بمفهوم الدولة العلمانية، ونصيحة أردوغان تدخل في الشئون الداخلية للبلاد".

قيادات الإخوان كانت تعرف من البداية.. طريق أردوغان ليس طريقنا.

(4) القاهرة 2007

جمعة أمين عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين كشف في مقال له بعنوان (المسألة التركية وتوضيح المفاهيم) الاختلاف بينهم وبين العدالة والتنمية قائلا: "من الخطأ عقد المقارنات بين مَن وصلوا إلى السلطة والحكم دون أن يحدِثوا تغييرًا إسلاميًّا فعليًّا وجوهريًّا في طبيعة المجتمع، أفرادًا وأُسرًا ومجتمعًا.. وبين مَن يسعون لإقامة الدين".

عضو مكتب إرشاد الإخوان واضح.. العدالة والتنمية لم يحدثوا تغييرا جوهريا في المجتمع والأفراد والأسر، وهو معيار النجاح لديه.

فالشرطة التى تعامل الناس باحترام والشوارع النظيفة والإصلاحات السياسية ليست إقامة للدين.. هو يريد دورا للدولة في إقامة الدين في الأفراد والأسرة والمجتمع.

يقال إن فشل الإخوان سببه غباؤهم أو سوء تصرفهم.. لكن الأمر أعقد من ذلك.. هذه ببساطة "أفكارهم" وليس "غباءهم".

(3) أنقرة 2003

فور تولى أردوغان رئاسة الوزراء عام 2003 استعان ببشير أتالاي وهو أستاذ قانون وحقوقى سابق في منصب وزير الداخلية ليقوم بإصلاح الداخلية قبل أن يرقيه منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الأمنية.

كلنا نعلم.. هذا لم يفعله مرسي.. وكلنا نعلم من كان وزير داخلية مرسي وكيف كان أنصار الإخوان يدافعون عن ممارساته وهم فى الحكم.

(4) أنقرة 1997

تولى نجم الدين أربكان رئاسة وزراء تركيا من الفترة بين 1996 و1997 عرف بتوجهاته الإسلامية.

الجنرالات قدموا إلى أربكان مجموعة طلبات تتضمن ما وصفوه بمكافحة الرجعية، فقدم أربكان استقالته فورا من منصبه لمنع تطور الأحداث إلى انقلاب عسكري فعلي.

فوت الفرصة أمام تدخل واضح للجيش.. سجن أربكان وحل حزبه.. لكن بعد عشر سنوات كان أردوغان أحد القيادات الشابة في حزبه وصل للسلطة وأجرى تغيرات ديمقراطية واسعة.

(5)

لا أردوغان ولا حتى أستاذه الأكثر محافظة أربكان كان لديهم محمد عبد المقصود يتهم معارضيه بأنهم كافرون ومنافقون.. أردوغان ليس لديه تنظيم يرفض وهو في الحكم أن يخضع أمواله واشتراكات أعضائه لرقابة الدولة.. ليس لديه حلفاء من جماعات جهادية يهددون بسحق من يتظاهر ضده من فوق منصة رابعة.. ليس وراءه تنظيم يحصر عضوية الأعضاء العاملين به على الذكور وليس للنساء به حق الترشح أو الانتخاب.. لم يكن لدى أردوغان أنصار يصرون أن الملايين الذين يتظاهرون ضدهم أو مؤسسات كاملة فى الدولة يشنون حربا ضد الإسلام.

أردوغان الذي ينسف اليوم مفهوم تداول السلطة بإصراره على البقاء في الحكم مكرر النموذج الروسي له أخطاؤه وله أطماعه.. لكن خمس دقائق تسير فيها فى أي من شوارع إسطنبول تكفى لتدرك أن تجربته ليس لها أدنى علاقه بحلم الدولة الإسلامية في أذهان غزلان وعزت والشاطر.

أتفهم أن تفرح بأردوغان لأن مواقفه السياسية تدعمك أو تكرهه لأنه ضد ممثلك السياسي.. لكن لا معنى لأن تفخر برفضك للأسس التي قامت عليها تجربته.. ثم تفرح بنجاح من قررت بوعي أنك لن تفعل مثله.

هذا والله ولى التوفيق..

رابط تم الإشارة إليه:

محمد مرسي: الإخوان المسلمون والأحزاب الإسلامية المعاصرة

http://www.ikhwanonline.com/Article.aspx?ArtID=30200&SecID=390

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved