بل استعادة شمولية قضية فلسطين أولى

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الجمعة 18 سبتمبر 2015 - 7:30 ص بتوقيت القاهرة

تمارس الحكومة الإسرائيلية إرهاب الدولة حين توظف آلتها العسكرية فى الاعتداء على أهل القدس وعلى المسجد الأقصى، وحين تسخر أجهزتها الأمنية لحماية مجموعات متطرفة من مواطنيها تحترف ممارسة العنف والتنكيل بالفلسطينيين والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، وحين تعصف بسيادة القانون وتغل يد مؤسساتها القضائية وتحول بينها وبين مساءلة ومحاسبة مواطنيها المتورطين فى ارتكاب جرائم عنف متلاحقة فى القدس.

غير أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب أيضا العديد من الجرائم الأخرى؛ جريمة احتلال أراضى الشعب الفلسطينى إن تأسيسا على الحقوق التاريخية للفلسطينيين التى لا تسقط أبدا بالتقادم أو وفقا لقرار التقسيم 181 لسنة 1947 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة أو بالرجوع إلى قرار مجلس الأمن الدولى 242 لسنة 1967، جريمة الاستيطان فى الضفة الغربية وفى القدس على نحو ينزع عن «حل الدولتين» أوهام «التحقق القريب» ويقضى عملا على إمكانيات قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتماسكة الإقليم (أى الأرض) فى الضفة والقدس ومعهما غزة، جرائم عصابات المستوطنين المتطرفين التى تحرق وتقتل وتدمر فى إجرام إرهابى لا يختلف فى الجوهر عن إجرام عصابات داعش، جريمة التهجير التى تطول بانتظام سكان الضفة الغربية والقدس وتتضمن طردهم من أماكن معاشهم وأحيانا مصادرة ممتلكاتهم، جريمة حصار غزة المحتلة وتنصل سلطة الاحتلال غير الشرعية من التزاماتها تجاه أهل غزة التى تحددها قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، جريمة الاعتداءات العسكرية المتكررة على الشعب الفلسطينى فى غزة وتورط الآلة العسكرية الإسرائيلية فى جرائم ضد الإنسانية، جريمة التمييز ضد الفلسطينيين الذين يحملون جنسية الدولة الإسرائيلية ويواجهون بممارسات عنصرية مقننة ومحمية حكوميا.

خلال السنوات القليلة الماضية، لم تتوقف حكومة اليمين الإسرائيلى ــ شأنها شأن أغلبية حكومات اليمين واليسار والحكومات الائتلافية التى سبقتها منذ أعلنت دولة إسرائيل ــ عن مواصلة ارتكاب هذه الجرائم مستغلة وضعية الوهن الفلسطينية والعربية، وثنائية التأييد / الصمت التى تتعامل بها القوى الدولية فى الغرب والشرق مع خروج إسرائيل المنهجى على قواعد القانون الدولى وتجاهلها لقرارات الشرعية الدولية. تمثل الاعتداءات الراهنة على أهل القدس وعلى المسجد الأقصى، إذن، جزء من سياق كلى ممتد فى المكان (أرض فلسطين التاريخية وجوارها) وفى الزمان (منذ بدايات القرن العشرين) جوهره هو الإرهاب الإسرائيلى احتلالا واستيطانا وتهجيرا وطردا وحصارا وقتلا لشعب يرفض التنازل عن حقه المشروع فى تقرير المصير وفى الحياة فى وطن حر؛ وتأتى هذه الاعتداءات الراهنة أيضا فى إطار توحش النشاط الاستيطانى الإسرائيلى والعنف المتصاعد لعصابات المستوطنين وتفلتهم من جميع القيم الأخلاقية والإنسانية وتراجع الطلب الشعبى فى إسرائيل على السلام الدائم وحل الدولتين الذى قضت حكومة نتنياهو اليمينية على فرصه الفعلية وانشغال العرب بالكوارث التى تلحقها بهم ثلاثية الاستبداد والإرهاب والتطرف.

وعلى الأهمية الرمزية الواضحة لمسألة القدس، يظل اختزال إرهاب إسرائيل وجرائمها فى الاعتداءات الراهنة على أهلها ومسجدها الأقصى خطأ بالغا يؤثر بالسلب على الشعب الفلسطينى وحقوقه المهدرة. إسرائيل تحتل وتستوطن وتهجر وتحاصر وتقتل الفلسطينيين دون هوادة فى القدس وبقية مدن وقرى الضفة الغربية وفى غزة، والقضية الفلسطينية عانت خلال السنوات الماضية ومازالت من التجاهل والتهميش ومن الاختزال تارة فى مفاوضات سلام عبثية تورطت بها السلطة الفلسطينية وثانية فى متابعة موسمية لحروب الآلة العسكرية الإسرائيلية على غزة وثالثة فى الاعتداءات على المسجد الأقصى ورابعة فى عدد محدود من جرائم المستوطنين المروعة التى وجدت طريقها كحوادث فردية للإعلام بينما الواقع يدلل على العنف المنهجى والمستمر من قبل المستوطنين ضد الشعب الفلسطينى، والأهم اليوم هو استعادة الاعتبار لشمولية القضية الفلسطينية كقضية شعب يعانى إرهاب وجرائم وويلات الاحتلال والاستيطان بينما تواصل القوى الدولية تنصلها من حقوقه المشروعة وتدير له القوى الإقليمية العربية والإسلامية ظهورها فى إعراض أو استعلاء أو تحالف مع سلطة الاحتلال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved