مصر كما يراها الأجانب

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 18 أكتوبر 2017 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

صباح الثلاثاء الماضى حضرت جانبا من مؤتمر «القمة الثانية.. صوت مصر»، الذى نظمته شركة «cc plus» للاستشارات الإعلامية. كان هناك ٣٠ متحدثا من مصر ومن بلدان مختلفة، وهم خبراء كبار فى الميديا والترويج والتسويق الاجتماعى والسياسى والتكنولوجى. استطاعت الشركة التى تقودها لمياء كامل وزملاؤها دعوتهمم للتحدث فى القاهرة، للعام الثانى على التوالى.
أهمية مثل هذه اللقاءات أن المتحدثين فيها يساهمون فى رسم الصور الذهبية للدول والمجتمعات، وبالتالى فهى ليست مجرد «حكى فاضى» كما قد يتبادر إلى أذهان الذين لا يدركون أهمية تشكيل صورة ما عن شعب ما فى لحظة ما.
ليس معنى ذلك أن نلقى النقود «عمال على بطال» لتذهب لجيوب بعض الأفاقين والنصابين فى العواصم العالمية الكبرى.
الموضوع أكبر من ذلك كثيرا، ويتعلق بإعادة ابتكار هوية جديدة أو صورة ذهنية مختلفة، تجعل صورتنا أفضل لدى الخارج.
أصحاب هذه الفكرة لا يقصدون بالطبع أن نتخلى عن هويتنا، ولكن لا ينفع أن تتحدث طول الوقت عن أننا الفراعنة أصحاب حضارة السبعة آلاف عام، بل يجب أن نوجد قيما وأفكارا وإشارات أخرى إيجابية ايضا. وهو أمر جاء فى كلمة جان مارك هاريون الرئيس التنفيذى لشركة أورنج مصر.
جيسون ماكنزى الرئيس التنفيذى لمعهد شارتر الأمريكى للعلاقات العامة قال: «ليس مهما ما تقوله، ولكن ما يسمعه الناس منك». وهو يقصد: ما هو الانطباع الذى يترسخ عن شخص ما أو دولة ما؟. مثلا الفرنسيون يتحدثون عن الموضة والأزياء والطعام والعالم يعرفهم فعلا بهذه الأشياء، والألمان يتحدثون عن النظام والدقة، واليابانيون عن الإلكترونيات، فما الذى يقدمه المصريون ليعرفهم العالم به؟!.
فى تقدير المهندس هانى محمود وزير الاتصالات الأسبق ورئيس مجلس إدارة شركة فودافون مصر فإن الفرق الأساسى بين مصر وكوريا الجنوبية هو «النظام» ونحتاج إلى «براندات» أخرى لكى نركز عليها بجانب الأهرامات وأبوالهول».
خالد حجازى الرئيس التنفيذى للقطاع المؤسسى بشركة اتصالات مصر تحدث عن الصورة الذهنية الكبيرة التى خلقتها مدينة مثل دبى، والمطلوب من المصريين أن يحددوا الهوية التى يريدون أن يكونوا عليها، وهل هى التاريخ أم السياحة، أم التكنولوجيا، أم الصناعة، أم خليط من بين كل ذلك؟.
فى دبى فإنك عندما تدخل أى فندق ستضمن وجود خريطة ترشدك إلى أى مكان.. فهل فى أكبر الفنادق المصرية خرائط، وصحيحة، والأهم طرق ممهدة للوصول إلى المكان المطلوب؟!.
يقول: «من أربع سنوات كدنا نفقد هويتنا، لكن ربنا يستر». وانتقد حجازى كتابة 75% من اللافتات بالإنجليزية على الطريق الدائرى، وكذلك كلمة «police» على سيارات الشرطة، وليس كلمة «نجدة أو شرطة» باللغة العربية فقط؟!
أما أريك تريجر مسئول ملف مصر بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط فقد سأل: لماذا يهتم الأمريكيون بمصر ويحبونها أكثر من غيرها ؟!. وأجاب لأنها البلد العربى الوحيد الذى يسمعون عنه منذ الطفولة ولأنها ذكرت فى التوراة والإنجيل ونقرأ جميعا عن حضارتها فى مراحل الدراسة، وشاهدنا صورها فى أفيشات الأفلام التاريخية والرسوم المتحركة والفيديو وطوابع البريد. قال تريجر أيضا: «على الرغم من كل التحديات فإن مصر لديها العديد من الفرص».
ياسر عبدالملك رئىس مجلس الإدارة والمدير التنفيذى لشركة نستلة بشمال شرق إفريقيا: قال: «ولدت ونشأت فى لبنان وعملت فى السعودية وعشت فى دبى ثم سويسرا وبعدها بجنوب افريقيا ثم إيران وأخيرا جئت القاهرة عام ٢٠١٥. وعلى الرغم من كل الصعوبات الاقتصادية والمشكلات الأمنية بعد 2011، فإننى أقول لأصدقائى المصريين دائما: «لماذا لا تنظرون إلى الجانب الإيجابى أيضا، بلدكم به تنوع ثقافى وحضارى لا يصدق، بلدكم لا ينام ولديكم كل شىء وانتم مهد الحضارة، ولديكم أفضل الشواطئ فى العالم و٣٦٥ يوم مشمسة، ولديكم محمد صلاح وعادل إمام وعمر خيرت، والأهم المواطن المصرى الأصيل الرءوف المتواضع.. هذه هى قوة مصر وهويتها وصورتها الذهنية، بلدكم لن يسقط أبدا بفضل هذا الشعب العظيم، ولديكم ٦٠ مليون مصرى قادرون على العمل.. تخيلوا لو أمكن استثمار قدرات كل هؤلاء»؟.
هذا هو مربط الفرس.. كيف يمكن استثمار قدرات هؤلاء؟! السؤال موجه إلى الحكومة وإلى كل من يهمه الأمر.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved