وقعت الواقعة!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 18 نوفمبر 2009 - 9:31 ص بتوقيت القاهرة

 لو أنفقت إسرائيل مليارات الدولارات فى حملة دعاية منظمة وممنهجة للإساءة إلى العلاقات بين بلدين عربيين مثل مصر والجزائر ما استطاعت أن تنجح، كما نجحت فى ذلك بضع وسائل إعلامية متعصبة وجاهلة وغير مسئولة فى كلا الجانبين المصرى والجزائرى.

الآن، وقد وقعت الواقعة، وحدث للأسف ما حذرنا منه مرارا ليس مجديا البكاء على اللبن المسكوب.

ولذلك ليس مجديا الجدل بشأن أسئلة من قبيل من الذى بدأ الهجوم والإساءة، ومن الذى نفخ فى الأمر، ثم صب عليه البنزين؟. المأساة أن الحريق بين الشعبين قد اشتعل، ويأكل فى طريقه كثيرا مما كنا نعتبره محرما.. أناس بسطاء يتعرضون للهجوم لمجرد أنهم مصريون فى الجزائر، أو جزائريون فى مصر.. شركات ومؤسسات تتعرض للتخريب، ووسائل إعلام مجنونة تحرض بفجور على أعمال عنف وقتل.

كنت أعتقد أن الأمر برمته يرجع إلى بضعة إعلاميين جهلة أو حسنى النية لا يعرفون التعبير عن وطنيتهم بطريقة جيدة، ثم فوجئت بالتصريحات المنسوبة إلى الروائية الجزائرية أحلام مستغانمى، فأدركت أننا كشعوب عربية قد وصلنا إلى الدرك الأسفل من الانحطاط. وأنه لا أمل أو أى شىء قبل أن تتغير ذهنيتنا تماما.

الكارثة التى نعيشها الآن أكبر بكثير من مجرد خناقة على مباراة، ومن الأحق بالفوز، وهل تم الاعتداء على أتوبيس اللاعبين الجزائريين أم على شركة أوراسكوم المصرية؟.

كل ذلك عرض لمرض خطير، هو أننا ببساطة كشعوب عربية لانزال نعيش بالروح البدوية القبلية المتخلفة، نرتدى أحدث الثياب، ونستخدم آخر ما وصلت إليه علوم وتكنولوجيا الغرب، لكن عقولنا لم تخرج من المرحلة الجاهلية، بل إننا أخذنا فقط من الجاهلية تخلفها وتعصبها، ولم نأخذ منها الشهامة وإغاثة الملهوف واحترام الجار.

أين هم علماء النفس والاجتماع ليخبرونا بحقيقة ما يحدث، وأين ما تبقى من العقلاء والمسئولين ليحاولوا منع كارثة قد تكون أكثر دموية فى استاد أم درمان وشوارع الخرطوم؟!

السؤال الأخير: هل أدرك الآن المجانين والمتخلفون فى بعض وسائل الإعلام والفضائيات فى كلا الجانبين حجم ما ارتكبوه من جرائم؟!





هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved