خسر الأهلى.. وانتصرت كرة القدم

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الجمعة 18 ديسمبر 2015 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

** لم تخسر الدولة هيبتها، ولم تخسر الرياضة، ولم تخسر كرة القدم كرامتها.
وخسر الأهلى من الذين يدعون أنهم يحبونه ويشجعونه، ويربطون بين ظنهم بحبه وبين الموت.
** كان ما جرى قبل مباراة الأهلى وسموحة من أسوأ ما عاشته الرياضة المصرية فى تاريخها. فلم يحدث أبدا أن اعترض جمهور طريق فريقه محاولا إفساد مباراته، ومصمما على هزيمته. وكان ذلك فى استعراض قوة ومحاولة مستميتة لافتعال معركة مع الأمن فى إطار عمليات تحريض منظمة ومتنوعة لضرب الاستقرار..
وتصرف الأمن بمنتهى الحكمة فى التعامل مع تلك الجريمة التى تمثل اعتداء على الرياضة وقيمها وعلى الأخلاق وعلى المجتمع كله.. والحمدلله أن المباراة أقيمت، وكان ذلك قرارا حكيما، لاسيما من جانب المنافس وفى مقدمته رئيس نادى سموحة المهندس فرج عامر، فلم يزايد، ولم يلعب بأوتار القانون وحقه القانونى..
** لا أريد أن أسمع الذين «يهلفطون» بكلام كبير، وأكبر منهم، عن حق الجمهور فى كرة القدم، فلسنا فى حاجة إلى هذا الدرس النبيل الذى يدركه أى طفل، فالجمهور هو الحياة فى الملاعب، وهو البهجة والأغانى والأهازيج.. هو العطاء والحب والانتماء.. هذا هو الجمهور الذى عرفته كرة القدم منذ مئات السنين.. أما الذين يحتفلون بالموت، ويغنون للموت، ويفتعلون المعارك، ويفسدون على الملايين فرحتهم بكرة القدم، فهم ليسوا جمهورا.. هم يدعون أنهم كذلك. وإلا هاتوا لنا جمهورا أثار الفزع فى لاعبيه، وسعى بكل ما يملك من صوت وهتاف وأجساد إصابة فريقه بهزيمة قبل أن يلعب؟!
الآن لا وألف لا لعودة هؤلاء إلى المدرجات.. فالمجتمع لن يحتمل كارثة ثالثة مخططة، يستغل فيها من يستغل لإشاعة عدم الاستقرار، والتحريض على الفوضى، ونزع الأمان من الناس.. وما جرى هو سلوك بغرض سياسى، ولا يمكن أن يكون سلوكا رياضيا.. ولا أريد ولا أحد يريد تبريرا لما فعله هذا الجمهور الذى لا أراه جمهورا للأهلى. فهذا النادى العريق له ملايين المحبين، ولا يحكمهم ولن يحكمه مجرد عشرة آلاف أو خمسين ألفا.. ولا نريد ولا أحد يريد أن يختصر أحد شباب مصر فى هؤلاء.. فشباب مصر قاعدة عريضة تعمل، وتدرس، وتكافح، وتبنى.. شباب مصر الذى عرفناه طوال عمرنا يمثله بطل الصاعقة البطل الشهيد أيمن فتحى، الذى ضحى بحياته من أجل زملائه.. وهناك ملايين مثله فى كل بيت بمصر.. يا إلهى أصاب الخرس من يتحدثون عن الشباب ويسمون أنفسهم نشطاء ولم يعلق أحدهم، ولم يسبق أن علق أحدهم على شهداء الوطن فى مواجهة الإرهاب الخسيس. وتراهم يكتبون الملاحم ويحاضرون فى البرامج عن الشباب الرافض والغاضب، فى صياغات مسمومة ومغموسة فى العسل النبيل؟!
** خسر الأهلى وانهزمت جماعة الفوضى وانتصرت الرياضة، وانتصرت كرة القدم وانتصرت الأخلاق.. تحيا مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved