خطاب نتنياهو أمام الكونجرس سوف يلحق ضررا بأمن إسرائيل

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 19 فبراير 2015 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصمم على أن يلقى خطابا حول إيران أمام الكونجرس الأمريكى (فى مطلع مارس المقبل)، فهذا بالنسبة إليه بمثابة هدية انتخابية لا تُعوّض. وفى أعين الكثير من الإسرائيليين يشكل موقف نتنياهو هذا دليلا قاطعا على شجاعة هذا القائد. وبرغم أنف أغلبية الأمريكيين، فإن نتنياهو مستعد لتحمل المخاطرة لمعرفته بأن ذلك سيجلب له مزيدا من المقاعد فى الكنيست، وأن كل الجدل الدائر حول موضوع الخطاب يفيده كثيرا.

فى دولة مثل إسرائيل، حيث تعتقد الأغلبية أنها قادرة على القيام بأى شىء من دون أن تتضرر، ليس أمام نتنياهو سبب وجيه كى لا يمضى قدما فى الطريق المضمون لتنمية الأنا القومية. ومن الواضح أن هذه العملية لها هدف انتخابى واضح. فنتنياهو مقتنع بحسب ما نأمل، بأن أى عمل (عسكرى) ضد إيران لن يتم تنفيذه من دون موافقة الرئيس الأمريكى باراك أوباما حتى لو صوت الكونجرس بأغلبيته على فرض عقوبات إضافية على طهران.

بناء على ذلك، فإن المواجهة العلنية مع أوباما تم إعدادها لأهداف إسرائيلية داخلية، فى مقدمها أن يخرج نتنياهو بطلا فى أعين ناخبى اليمين، وهكذا ينجح فى سحب أصوات من الأحزاب الأخرى من الشريحة ذاتها. وهذا بالضبط ما يريده نتنياهو، أى حزب ليكود كبير فى الكنيست الجديد على نحو يكون كافيا كى يوكل إليه رئيس الدولة تشكيل الحكومة المقبلة بعد انتخابات الكنيست الجديد يوم 17 مارس 2015.

وفى ما عدا ذلك، فإن إسرائيل وحدها لا تستطيع كبح البرنامج الإيرانى الساعى للحصول على قنبلة نووية. ولذا، فإن الضرر الذى يتسبب به نتنياهو لإسرائيل من خلال تمسكه بإلقاء الخطاب أمام الكونجرس ضد سياسة إدارة أوباما، ضرر كبير على أمن إسرائيل.

وعلينا أن نتذكر جيدا أن المغزى الحقيقى لخطاب نتنياهو باستثناء بلاغته المعروفة، هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يشكك فى صدقية رئيس الولايات المتحدة وفى صحة تصريحاته فى ما يتعلق بإيران. ولم يسبق أن شهدت العلاقات الإسرائيلية ــ الأمريكية تطورا من هذا القبيل.

فى التقرير السنوى لمجلس الأمن القومى فى الولايات المتحدة تمّ اقتباس أقوال لأوباما بشأن إيران وبرنامجها النووى، ومما جاء فيه: "أن أوباما والولايات المتحدة يلتزمان بمنع وإحباط البرنامج النووى العسكرى الإيرانى. وتتعهد الولايات المتحدة بألا يتم توفير أى جهد، بما فى ذلك التدخل العسكرى، إذا لم تتوصل الدول الكبرى إلى اتفاق مع إيران".

إن هذا يعنى أن أوباما وإدارته لم يستبعدا الخيار العسكرى، لكنهما مقتنعان بأن العقوبات الاقتصادية فعالة وبأنه يجب إعطاء فرصة للعمل الدبلوماسى، لكن نتنياهو يرفض هذا الموقف، وكل ما يريده هو أن تبدأ الولايات المتحدة والغرب بعمل عسكرى شامل. لن يحدث هذا حتى لو خطب نتنياهو مرات ومرات فى الكونجرس.

وهذه الحقائق لا تهم نتنياهو ولا مصوتى اليمين، لكن على الجميع أن يفهموا أنه بعد 17 مارس المقبل سيأتى يوم جديد يمكن أن يكون فيه نتنياهو رئيسا للحكومة مرة أخرى، ولكن أيضا فى البيت الأبيض سيكون أوباما نفسه.

إن الشجعان من مواطنى إسرائيل الذين يتباهون بأنفسهم وهم من المؤيدين لخطوات نتنياهو، سيقولون إن كل ما جاء أعلاه هو حملة تخويف صادرة عن اليسار الإسرائيلى الجبان. لقد عرف التاريخ اليهودى فترات كثيرة من إبداء الشجاعة من النوع المحبوب لمؤيدى نتنياهو والضاربين بسيفه، لكن هذا التباهى بالنفس والشجاعة لم يكونا سوى غطاء للقومية المتطرفة والأصولية اللتين أدتا إلى كوارث لم يسبق لها مثيل. ونأمل ألا يجلب نتنياهو علينا كارثة تكون مدعاة لبكاء الأجيال.

روزنبرج تشيلو - مؤرخ وخبير فى شؤون الأمن القومى
معاريف
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved