لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء

مصطفى النجار
مصطفى النجار

آخر تحديث: الجمعة 19 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

تستطيع أن تلحظ بوضوح صحوة عبيد مبارك هذه الأيام وهم ينتشون فرحا بما وصلت إليه الثورة من تعثر وإخفاق. عقب التنحى مباشرة اختبأ هؤلاء فى جحورهم واختفوا يرقبون ما ستسفر عنه الأحداث كانوا يشعرون بالخجل والخوف من الثورة والثوار سواء على الأرض أو حتى فى العالم الافتراضى, لم يكن يجرؤ أحدهم أن يتحدث ضد الثورة أو يشيد بالنظام السابق أو يبكى على الرئيس المخلوع.

 

وكان الظهور الأول لهؤلاء فى الاستفتاء الدستورى الأول إذ كان أغلب تصويتهم بنعم للتعديلات الدستورية وتطابق موقفهم مع الإخوان ضد الثوار وبدا أن قبلتهم فى اتجاه المجلس العسكرى وما يقوله وطالما قام المجلس بهذه التعديلات عبر اللجنة التى شكلها فلابد أن يتبعوه, وكان هذا تحالفا مع الاخوان فى هذه اللحظة ضد الثورة والقوى المدنية التى توحدت على رفض التعديلات الدستورية وقالت الدستور أولا.

 

وعلى استحياء خاض بعض رموزهم الانتخابات البرلمانية السابقة وعادوا بخفى حنين بعد أن لفظهم الشعب وقام بعزلهم من تلقاء نفسه، وانتعشت آمال هؤلاء فى انتخابات الرئاسة ــ بعد أن ساعدهم حمق الثوار وتفتتهم وعدم استطاعتهم الاتفاق على مرشح ثورى واحد ــ  فى جعل المعركة الفاصلة بين مرشحين غير محسوبين على الثورة وشاءت الأقدار أن يحكم الاخوان مبكرا لينكشف سراب مشروع النهضة وأحاديث الأمانى والوعود التى تتمسح بالدين ليدرك الناس أن الشعارات وخلط الدين بالسياسة بهذا الشكل المزرى هو طامة كبرى يجب مقاومتها.

 

استغل هؤلاء سوء أداء الإخوان وفشلهم فى الحكم  وحالة السخط العام واندسوا بين صفوف الثورة بحجة التلاقى مع الثوار فى مقاومة وإسقاط حكم الاخوان، وعلت أصواتهم وقد تلبستها الحالة الثورية المفاجئة حتى أصبحنا نراهم يزايدون على الثوار الحقيقيين وهم من خرسوا طوال حكم مبارك وبرروا قمعه وشاركوا فى إذلال المصريين ونهب ثرواتهم.

 

•••

 

من نتحدث عنهم ليسوا المواطنين المصريين البسطاء الذين ربما تعاطفوا مع الرئيس المخلوع قبل التنحى أو حين شاهدوه فى قفص الاتهام وليس من اضطروا للتعامل مع النظام البائد رغما عنهم ولكنهم ظلوا شرفاء لم يتورطوا فى فساد ولا إفساد، إن من نتحدث عنهم هم أذيال السلطة وحذاؤها، هم جماعات المصالح ومدمنو السرقة والفساد الذين تربحوا من النظام السابق وعاشوا فى كنف فساده واستبداده وهم يمزقون من أجساد المصريين وينهبون قوتهم إما بشكل مباشر وإما بالتطبيل والتأييد والنفاق لهذا النظام، هؤلاء من نتحدث عنهم ونشير إليهم لنقول لهم نحن نراكم ولن تخترقوا صفوفنا مهما حاولتم.

 

لم تكونوا يوما منا ولا معنا، ولن تدخلوا بين صفوفنا لتغسلوا خبث نفوسكم ودناءة مقاصدكم، إن الفارق بيننا وبينكم كبير أنتم تشتاقون للعبودية ونحن دفعنا دماءنا وأرواحنا فداءا للحرية فكيف نلتقى؟

 

تعادون الاخوان الآن ونظامكم هو السبب الأول فى تجريف الحياة السياسية فى مصر ليبقى وحيدا يقابله تنظيم الاخوان فى نفس الوقت الذى كان يقمع فيه بشدة كل المطالبين بالديموقراطية والحرية، مارس سيدكم لعبة القط والفأر مع الإخوان يفتح لهم حينا ويضيق عليهم أحيانا أخرى لكنه فى كل الأوقات يقمع بيد من حديد دعاة الكرامة والحرية، لذا فإن ما فعله هو الذى جعل الإخوان القوة المنظمة الوحيدة التى استطاعت قنص الحكم بعد سقوطه، لذا فنحن ضد الاخوان وضدكم أيضا، لأننا ذقنا مرارة فسادكم واستبدادكم ونظامكم البائس هو المسئول الأول عن كل ما نعانيه الآن.

 

•••

 

ان معركتنا ضد الإخوان مستمرة حتى يصلحوا عوارهم أو يرحلوا، ولكننا لن نغفل عنكم، فأنتم أعداء الثورة الألداء وأنتم من تفرحون وتطربون لكل تعثر وكبوة تصيبها، عداؤكم للإخوان ليس حقيقيا فقد تحالفتم معهم قبل الثورة وبعد الثورة فى الاستفتاء الدستورى ضدنا ومازال رموزكم ورجال أعمالكم يغيرون قبلتهم من نظامكم الساقط إلى نظام الإخوان بحثا عن المصالح أينما وجدت لا يعنيهم فى ذلك لا شعب ولا ثورة وهذا دينكم، لا مبادئ لكم ولا أخلاق وانما تلعبون مع من غلب.

 

لا تعتقدوا أن عقارب الساعة ستعود للوراء، ولا تتخيلوا أن أوهامكم ستتحقق، أنتم منبوذون وستظلون إلى الأبد فكما نبذ المصريون تجار الدين نبذوكم ولن يسمحوا لكم بالعودة أبدا، ومهما كان سخط الناس على الثورة اليوم واحباطهم فهم لن يؤمنوا بكم وهم يعلمون أنكم السبب الرئيسى فى كل ما يعانونه الآن من فقر وجهل ومرض وضيق الحال.

 

•••

 

أما الثوار فعليهم أن يتنبهوا لمن اندسوا بينهم، فليس كل من يعادى الاخوان هو مع الثورة علينا أن نطهر صفوفنا من هؤلاء ومن الحمقى الذين صاروا يغنون أغانى الحنين إلى النظام الساقط مع هؤلاء المدعين نكاية فقط فى الاخوان.

 

إن بوصلتنا هى الثورة وبوصلتكم هى المصالح وأينما تكن تولوا وجوهكم شطرها، اخلعوا رداءا ليس رداءكم وفارقوا صفوفا ليست صفوفكم، لا يستوى هؤلاء وهؤلاء، لن نضع أيدينا فى أيد ملوثة بدماء شهداءنا، لن نخن عهد من رحلوا كى نعيش حياة أفضل، انكم لا تعترفون بشهداء الثورة حتى اليوم وترونهم بلطجية وقطاع طريق فكيف نمد اليكم أيدينا؟!

 

ثورتنا روح نابضة بالأمل تتحدى اليأس، مهما تعثرت خطواتها فهى منتصرة ولو بعد حين، أما اليائسون ومن يروننا حالمين نذكرهم باليائسين قبل الثورة حين ارتضوا الصمت والجبن والذل والخوف والخضوع والاستسلام وخرجت أصواتنا حرة من حناجرنا تهتف باسقاط النظام وثبتنا حتى سقط، سنسترد ثورتنا ونزيح عنها من قفزوا عليها ومن يكرهونها وإنا على موعد مع الفجر قريب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved