أيها الإخوان: وحدوا المعايير

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 19 يونيو 2017 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

أعضاء وأنصار وجماعة الإخوان والمتعاطفين معها أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حينما تم الإعلان عن صفقات بنحو نصف تريليون دولار للسعودية مع الولايات المتحدة خلال زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مايو الماضى.

لا ألوم هؤلاء فى انتقادهم للسعودية فى هذه القضية، لأننى شخصيا كتبت وقتها أربعة مقالات انتقادية بحق السعودية. واليوم أدعو كل هؤلاء الذين سخروا وكتبوا وهاجموا وانتقدوا السعودية ــ ولهم كل الحق فى ذلك مرة أخرى ــ أن يكون معيارهم واحد، وينتقدون قرار الحكومة القطرية التى وقعت صفقة أسلحة ضخمة مع الولايات المتحدة صباح الخميس الماضى بقيمة ٢١ مليار دولار عبارة عن ٧٢ طائرة إف ١٥ إضافة إلى ضخ استثمارات قطرية فى البنية التحتية للولايات المتحدة بمليارات الدولارات.

ما فعلته السعودية كررته قطر، وبالتالى على الذين انتقدوا السعودية أن يكونوا متسقين مع أنفسهم، ويوحدوا المعايير.

هؤلاء قالوا وقتها ــ ومعهم كل الحق ــ إن الولايات المتحدة تقوم بـ«حلب» البقرة الخليجية حتى نقطة الدم الأخيرة وليس «نقطة اللبن»!!. قالوا أيضا ــ وهم محقون ــ إن كل ما يهم ترامب وبلاده هو الحصول على الأموال العربية، مقابل حماية عروش هذا المنطقة.

حسنا هذا كلام صحيح، فهل ينطبق ذلك الآن على الحكومة القطرية؟.

لدى كوادر وأنصار جماعة الإخوان والمتعاطفين معها أوهام وهلاوس غريبة خلاصتها أن الحكومة القطرية تواجه الهيمنة الأمريكية، التى تريد ضرب المشروع الإسلامى الحضارى. وبطبيعة الحال هم يتصورون أنهم يمثلون طليعة هذا المشروع الإسلامى. مطلوب من هؤلاء أن يسألوا أنفسهم أسئلة بسيطة وبديهية من بينها مثلا: هل يمكن لحكومة تستضيف أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات أن تكون حرة الحركة فى اتخاذ أى قرار سياسى أو عسكرى خلافا للرغبة الأمريكية؟

سؤال آخر: إذا كانت الولايات المتحدة هى الشيطان الأكبر من وجهة نظركم، وهى الداعم الأكبر لإسرائيل منذ زرعها فى المنطقة عام ١٩٤٨ وحتى هذه اللحظة، فكيف تسمح قطر رائدة وراعية وممولة المشروع الإسلامى الحضارى بوجود هذه القاعدة الضخمة فى أراضيها؟!!.

سؤال ثالث: كيف تصدقون أنفسكم بأن قطر تواجه الهيمنة الإسرائيلية، وهى من أوائل الدول الخليجية التى أقامت علاقات مع إسرائيل، وكان شرط أمريكا الرئيسى لتأييد انقلاب حمد على والده تميم عام ١٩٩٥ أن تعترف قطر بإسرائيل، وهو ما حدث فعلا، وقام شيمون بيريز بزيارة قطر وتجول فى شوارعها.

الشيخ حمد بن جاسم اعترف قبل أيام بأنهم يستضيفون قادة حماس وقادة طالبان فى الدوحة، لأن أمريكا هى من طلب منهم ذلك حتى يمكنها التفاوض معهم إذا أرادت!!.

وبالتالى من يتلقى أوامر الاستضافة يتلقى أوامر الطرد. وبالتالى ينبغى على قادة جماعة الإخوان أن يكونوا متنبهين إلى أن قطر قد تطردهم فى أى لحظة، طالما أنها فعلت ذلك معهم فى الماضى وفعلته مع قادة حماس منذ أيام، حينما رحلت بعضهم إلى بيروت.

أفهم الحرج الكبير الذى يعانى منه قادة الإخوان وكل كوادرها وأنصارها والمتعاطفين معها الموجودين على الاراضى القطرية، وأفهم أن «فى فم كل منهم الكثير من الماء»، وبالتالى فإذا كان صمتهم مفهوما فعليهم ألا «يسخنوا» أكثر من اللازم، ويتصورا فعلا أن حكومة قطر تقود المشروع الإسلامى أو تواجه أمريكا وإسرائيل!!.
عليهم أن يدركوا أنها مجرد أداة تستخدمها أمريكا وبريطانيا ودول أخرى أحيانا فى تحقيق مصالحها والسيطرة على المنطقة وحماية إسرائيل، وأحيانا «مكايدة» السعودية ومصر.

حينما ينتقد أعضاء وكوادر وأنصار الإخوان الحكومة المصرية لأنها تقيم علاقات جيدة أو حميمة مع أمريكا أو إسرائيل ــ ولهم الحق فى هذا الانتقاد ــ فعليهم أيضا ألا ينسوا أن كلا من قطر وتركيا يفعلان ذلك وأكثر، بل ان جماعتهم نفسها تتمنى حدوث ذلك، وتقف على ابواب الكونجرس وبقية المؤسسات الامريكية سعيا إلى لقاء أو كلمة ود!!.

لا أطالب هؤلاء بأى شىء صعب أو مستحيل. فقط كونوا موضوعيين، وطبقوا معيارا واحدا على كل القضايا. انتقدوا الحكومة المصرية على علاقتها مع أمريكا وإسرائيل، شرط ان تفعلوا الامر نفسه مع قطر وتركيا.. ما رأيكم؟!!.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved