قبل أن ننعى كرة القدم

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الجمعة 19 يوليه 2013 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

قبل أيام نعى وزير الشباب والرياضة اللبنانى فيصل كرامى لعبة كرة السلة التى اغتالتها السياسة والطائفية والمصالح الضيقة، بعد تجميد الاتحاد الدولى لكرة السلة عضوية الاتحاد اللبنانى واستبعاد المنتخب من المنافسات الدولية..

والقصة طويلة، لكنها باختصار نتجت عن خلاف بين أعضاء الاتحاد من جهة، وبين الاتحاد وبين أندية من جهة أخرى. واعتبر الاتحاد الدولى أن تدخلا سياسيا وقع وأن النزاعات القضائية بين الاتحاد وبين الأندية تخالف اللوائح الدولية..

وقال وزير الشباب والرياضة فى لبنان فى نعيه لكرة السلة: «يحز فى نفسى القول إن ما تعرضت له كرة السلة هو جزء من مناخ عام يطغى على البلاد، بحيث أفسدت السياسة كل شىء ونسفت الطائفية والمذهبية كل شىء، الرياضة والثقافة، والفن والتربية والاقتصاد، وقبل ذلك أفسدت السياسة ونسفت وحدة المجتمع اللبنانى وأصحبنا مجتمعات متناحرة، تدمر ما تبقى من مظاهر الدولة».

●● فى القصة شكاوى للهيئة الدولية. وفيها أيضا تصريحات من نوع: «الشكوى خيانة للوطن وعملا مشبوها»، ولا تجد مختلفا عما يجرى هنا وعما فعلته السياسة فى الرياضة.

ومعلوم أن كرة السلة فى لبنان تساوى كرة القدم فى مصر، وقد أكون متشائما بشأن مستقبل الكرة المصرية القريب، وهو ما حذرنا منه قبل شهور بشأن عدم اكتمال هذا الدورى، وأذكر أننى حين سئلت عن تاريخ 17 أكتوبر من العام الماضى الذى كان مقررا فيه عودة الدورى أجبت بأنه لن يعود، ولم يعد سوى بعد أشهر وقد بدا كمريض يخرج من غرفة الرعاية المركزة؟!

●● المستقبل القريب للكرة المصرية أراه لا يطمئن، وأعنى الدورى المقبل فى أغسطس، وأظنه لن يبدأ.. ومن أسباب هذا الظن أن معظم من يعملون فى تلك الصناعة التى يبكون عليها يوميا، أراهم متحاربين، متنازعين، وكل يغنى على مصلحته، ولا تعنيه المصلحة العامة ولا مصلحة اللعبة، ومن مظاهر ذلك نداءات إلغاء الهبوط، والتهديدات بالانسحاب، والمطالبة بأداء مباريات على ملاعب معينة، فيما يدرك صاحب الطلب أن ما يطلبه مستحيل أو أنه لا فرق فهو يخسر على أى ملعب.

وهذا بخلاف الصراع على تورتة البث الفضائى التى أصبحت قطعة فسيخ، والعراك على المؤتمرات الصحفية وحقوقها، حتى ألغيت تلك المؤتمرات، بالإضافة إلى عدد الفرق الذى يزيد على عدد الملاعب، وإنهاك الأمن فى الشارع فكيف يؤمن ملعب.. ثم نأتى لأهم ما فى الموضوع، وهو غياب الجماهير، وتهديدات تلك الجماهير.

●● فى العراق أزمة وحرب، وكرة قدم. وفى سوريا حرب وأزمة، وكرة قدم، وفى تونس ثورة وصراع، وكرة قدم. إلا أن ما فى مصر عطل كرة القدم وأوقفها بعد اغتيال 74 شابا فى مباراة بمؤامرة مدبرة..

لكن سلوك الجماهير فيما بعد وفى مباريات محلية وإفريقية حرمها من اللعبة التى تعشقها، ومن ممارسة البهجة التى تبحث عنها، وقبل أيام أصدرت رابطة ألتراس الأهلى ووايت نايتس الزمالك بيانا مشتركا بشأن مباراة القمة الإفريقية وهو بيان يستحق الفهم والتعليق، وذلك قبل أن ننعى كرة القدم فى مصر كما نعيت كرة السلة فى لبنان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved