شروط عودة سيناء لمصر

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 19 أغسطس 2011 - 9:03 ص بتوقيت القاهرة

سيناء ليست سوهاج أو المنيا، والمعارك التى تدور فيها ليست كتلك التى شهدها شارع عبدالعزيز أو أى مشاجرات فى أحياء وشوارع ومناطق القاهرة الكبرى أو سائر أنحاء الجمهورية.
لدينا مشاكل كثيرة تتعلق بغياب الأمن أو انتشار البلطجة منذ ثورة 25 يناير، لكن فى اللحظة التى سيقرر فيها الأمن أن يعود لممارسة مهمته أو تجبره الحكومة على أداء وظيفته، فسوف تختفى 99٪ من كل مظاهر «الفتونة» الموجودة فى مصر.

لكن عودة الأمن وحدها لن تكون كافية لعودة سيناء مكانا آمنا مطمئنا.
لا أحد يوافق على الخروج على القانون فى طنطا أو سيناء، لا أحد يتمنى ظهور إمارة سلفية أو شيعية أو شيوعية فى العريش أو الإسكندرية.. لكن العلاج الأمنى لما يحدث هناك لن يحل المشكلة، وإلا كان قد حل عشرات المشاكل المزمنة فى مصر من أول الاحتقانات الطائفية المستمرة نهاية بالتنظيمات الأيديولوجية التى تعتمد العنف طريقا لتحقيق أهدافها.

نتمنى بالطبع أن تنجح الحملة الأمنية «نسر» فى القبض على الخارجين على القانون.

لكن المشكلة وآه من لكن ان كل الحملات الأمنية لمعالجة مثل هذه النوعية من المشاكل لم تحقق هدفها. نحتاج إلى علاج سياسى فكرى اقتصادى اجتماعى.

لا يكفى أن نتحدث عن أن سيناء جزء من الوطن وهل قال آخرون إنها ليست كذلك.
لا يكفى أن تظهر الصحف الحكومية لتقول ان رؤساء وأعيان القبائل قد اجتمعوا مع كبار المسئولين وأدانوا وشجبوا العنف.. ومن قال إن هؤلاء لهم الكلمة الأولى والأخيرة هناك؟.

ألم يجلس هؤلاء مع قادة الأمن السابقين وتعهدوا بأشياء كثيرة مماثلة ثم فشلوا فى الوفاء بها وتبين أن هناك جيلا جديدا لا يدين معظمه بالولاء للكبار؟!.

لا يكفى أن نتحدث عن دور خارجى لإشعال الوضع، هذا الدور الخارجى موجود، وإسرائيل لا تنكر سعيها لإحراق كل الوطن العربى وليس سيناء فقط، ثم إن «القاعدة» بفرض أنها موجودة تعمل عبر تنظيمات محلية تقيم هناك.

قد يتحجج البعض ــ ليريح نفسه ــ ويتحدث عن تنظيمات جهادية قادمة من غزة أو على صلة بتنظيمات خارج مصر، لكنها فى النهاية تعمل عبر تنظيمات محلية.
إذن المشكلة أولا وأخيرا صناعة محلية بنسبة 75٪ على الأقل.

تستطيع قوات الأمن المدعومة بقوات الجيش العائد حديثا إلى هذه المنطقة ان تقبض على كثيرين، تستطيع أن تهدم منازل بل وحتى تحتجز شيوخا وأطفالا ونساء، لكن عليها أن تتذكر أنها ستعود إلى ثكناتها، وسيبقى أهل هؤلاء المعتقلين على الارض.
على الأمن أن يؤدى دوره طبقا للقانون، لكن لمؤازرة هذا الدور، على بقية الأجهزة أن تتحرك وتتوقف عن اطلاق الوعود والشعارات.

عندما تكون هناك تنمية حقيقية، وعندما يشعر ابن سيناء أن الحكومة تهتم بأمره فعلا وليس لبضعة رجال أعمال من عينة حسين سالم، وعندما تتوقف الحكومة عن التعامل مع سيناء باعتبارها مجرد شاطئ سياحى وتنسى الداخل، وعندما تجد صيغة خلاقة لتمليك أبناء سيناء الحقيقيين مساحات من الأرض وتهيئ لهم السبل لاستثمارها.. عندما يحدث ذلك فإن أبناء سيناء لن يسمحوا للقاعدة أو «الواقفة» بأن يعيثوا إرهابا فى المنطقة، ولن يسمحوا للإسرائيليين بـ«الذن» على آذانهم، ولن يسمحوا لتجار الأنفاق بتهريب السلع والمخدرات.

عندما تعود مصر إلى نفسها، فإن
سيناء ستعود إلينا فعلا وليس عبر الأقوال المملة والأحضان المسمومة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved