البدرى وزعماء المعارضة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 19 ديسمبر 2010 - 10:02 ص بتوقيت القاهرة

 عندما انهزم النادى الأهلى من الإسماعيلى قبل أسابيع قليلة بثلاثة أهداف مقابل هدف.. أعلن حسام البدرى مدرب الفريق استقالته أثناء خروجه من الملعب. لم ينتظر ــ والأهم لم يبرر ــ رغم أن عقده مع النادى يفترض أنه مستمر حتى نهاية الموسم الكروى، لم يقل إن الحكام ظلموه، قرر الاستقالة، لأن النتائج صارت سيئة، وكذلك الأداء، ثم إن جماهير النادى لم تعد تريده، وهتفت ضده.

فى المقابل، انهزمت أحزاب المعارضة المصرية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة أمام الحزب الوطنى، بما يساوى فى لغة كرة القدم 10/1، لكن رؤساء هذه الفرق ــ أو مدربيها ــ لم يحركوا ساكنا، واتبعوا سياسة «الطناش الكبير» رغم هتافات معظم الشعب ضدهم.

كلهم قرروا اتباع سياسة «الهجمة المضادة».. وشنوا هجوما كاسحا ضد الحزب الوطنى والحكومة بتهمة التزوير الفاضح.

وحتى يكون الكلام واضحا، فكثير من الناس يشاركون هذه الأحزاب اتهامها للحكومة وأجهزتها وحزبها الحاكم، بأن الانتخابات شهدت تزويرا غير مسبوق.. لكن هل يعفى ذلك رؤساء أحزاب المعارضة من المسئولية؟.. هل يكتفون بإلقاء المسئولية على الحكم ــ الذى هو الحكومة ــ وينتهى كل شىء؟!.

رؤساء هذه الأحزاب اتخذوا قرار المشاركة فى الانتخابات وهم يدركون تماما أن معظم الضمانات المطلوبة لنزاهة الانتخابات كانت غائبة.. ثم إن قطاعات كبيرة فى هذه الأحزاب طالبت بمقاطعة الانتخابات ، ورغم ذلك أصر قادة هذه الأحزاب على المشاركة ــ لغرض فى نفس يعقوب لم يقضه .

فى أى مكان محترم بالعالم، فإن أى مسئول يفشل فى تحقيق الهدف يسارع بتقديم استقالته، يحدث ذلك فى المصنع أو الشركة أو المؤسسة أو الحزب أو الحكومة أو الدولة.

فى بلدان كثيرة.. رئيس الحزب الذى يفشل فى الانتخابات يسارع إلى الاستقالة ... يجتمع الحزب وفى الغالب يقبل الاستقالة ويعطى الفرصة لوجه جديد، ...لا يوجد قائد فاشل يستمر فى عمله إلا فى المجتمعات المتخلفة.

خذوا مثالا على ذلك رؤساء الأحزاب الرئيسية الثلاثة فى بريطانيا.. العمال، والمحافظين، والأحرار الديمقراطيين، ستجدون أن تونى بلير ظل رئيسا لحزب العمال طالما أن الحزب كان يحقق الفوز، وعندما شعر أعضاء الحزب بأن بلير صار عبئا عليهم ــ رغم استمرار وجود الحزب فى الحكم ــ أجبروه على الاستقالة، وجاءوا بجوردن براون الذى استقال بعد إخفاق حزبه فى الانتخابات الأخيرة وانتخب الحزب رئيسا جديدا هو إيد ميلباند الذى فاز على شقيقه ديفيد فى منافسة حزبية شريفة.

مرة أخرى سوف يرد رؤساء أحزابنا ــ الذين لا يتغيرون إلا بالموت أو المرض العضال ــ بأنهم لا يتحملون المسئولية، وأن السبب فى إخفاقهم هو التزوير ولا شىء غيره.

على الفاشل أن ينسحب ويدع القيادة لأشخاص جدد يجربون سياسات جديدة فربما يتغير الوضع.

فى بلدان أخرى مثل اليابان وكوريا، فإن المسئول الفاشل لا يكتفى بالاستقالة، بل يلجأ أحيانا للانتحار إحساسا بالمسئولية.

لا نريد من رؤساء أحزابنا أن ينتحروا، لأن ذلك حرام أولاً، وهم لن ينتحروا ثانيا.. نريد منهم فقط الاستقالة فربما يتغير الوضع.

رؤساء أحزابنا يتهمون الحكومة بالفشل ويطالبون بتغييرها.. فهل لدى أحدهم الشجاعة ليقدم استقالته بعد فشله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved