أقباط المهجر.. وإخوان المهجر

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 19 ديسمبر 2014 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

أغلب الظن أن عدد المنتمين والمتعاطفين مع جماعة الإخوان فى أمريكا ليس قليلا كما يتخيل أو يتمنى البعض.

ليس عندى رقم محدد، ومصدر معلوماتى ليس بيانات رسمية، لكنه بناء على مشاهدات وأسئلة لمصريين مقيمين هناك، خلال زيارتى إلى نيويورك لستة أيام وواشنطن لمدة يوم واحد فى نهاية شهر سبتمر الماضى.

المصريون الذين يتوجهون إلى أمريكا ينقسمون عموما إلى ثلاث فئات.

الفئة الأولى، وتشمل غالبية وليس كل الأقباط وهؤلاء يتوجهون فى أغلب الأحوال إلى هيئات وجهات كنسية وتجمعات لأقباط مثلهم.

هؤلاء يجدون استقبالا جيدا ورعاية كاملة تصل إلى حد توفير وظائف للقادمين الجدد،وهناك أنشطة وندوات ولقاءات، بما يمكن معه إطلاق لفظ «لوبى» على الأقباط المقيمين، وتوجد أماكن محددة يتجمع فيها هؤلاء ويعيشون، بمعنى أن بعض أقباط أسيوط مثلا يقيمون فى نيوجيرسى وهكذا.

الفئة الثانية، وهى أن جانبا كبيرا من المسلمين يتوجهون للصلاة فى المساجد خصوصا يوم الجمعة، غالبية المشرفين على هذه المساجد ينتمون للجماعة.

المصرى المسلم العادى القادم إلى أمريكا للمرة الأولى، ولا يعرف شيئا، ويتردد على المسجد بصورة طبيعية بدأ يجد رعاية من الهيئات واللجان المشرفة على هذه المساجد، وصار لهذه التجمعات قدرة على توفير أعمال لهؤلاء وتسكينهم مع آخرين، بل تم تزويج بعضهم أيضا. وبمنطق «أطعم العين يستحى...» فإن كل هؤلاء حتى ورغم أنهم ليسوا إخوانا فقد وجدوا أنفسهم يتعاطفون مع الجماعة بمنطق أنها وقفت بجانبهم فى وقت الشدة.

وهو نفس المنطق الذى كانت تستخدمه الجماعة فى الأرياف والأحياء الشعبية لضمان حصولها على أصوات ناخبين أسدت إليهم خدمات مثل المستوصفات الطبية أو أنابيب البوتاجاز والسلع التموينية أى «نظرية الزيت والسكر».

الذين كانوا يقدمون هذه الخدمات لم يكونوا يعلنون أنهم إخوان، حتى بعد وصول الجماعة للسلطة، لكن وبعد ثورة 30 يونيو كان الفرز واضحا، وغم ذلك فإن بعضهم مايزال مصرا أنه ليس من أعضاء الجماعة، بل متعاطف معها، أو أنه ليبرالى.

الفئة الثالثة، هى الأكثر وعيا ولديها حصانة فكرية وعلمية وثقافية تمنع تحولها إلى رقم لدى كنيسة المهجر أو مسجد الإخوان، بل تذهب إلى المسجد أو الكنيسة لتؤدى الصلاة فقط. قد يكون لها رأى سياسى معارض أو مؤيد للحكومة والنظام، لكنه ليس رأيا ناتجا عن توجه دينى.

مشكلة هذه الفئة أنها قليلة والأهم أنها غير قادرة على أن تكون قاطرة تجر خلفها الفئتين الأولى والثانية. السفارة ومهما كان دورها، ومهما بذلت من جهود فإنها تظل غير قادرة على التأثير فى كل المصريين لأسباب متعددة أهمها انتشار المصريين فى ولايات مختلفة ومتباعدة جغرافيا.

إذن تأثير الدولة فى المهاجرين أو المقيمين المصريين فى أمريكا يظل ضعيفا، وبالتالى فان القوتين الأكثر تأثيرا فى توجهات المصريين هناك هما الكنيسة والمسجد.

الجماعة لم تتظاهر بكثافة ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى زيارته الأخيرة لنيويورك، لأنها ربما تعرضت لعملية تضليل ناجحة، وبالتالى لم تتظاهر بكثافة واكتفت بالمظاهرات الصغيرة أمام الفندق الذى أقام فيه الرئيس، إضافة إلى التحرش والتربص بتحركات الصحفيين المصريين، معتقدين أن هذا سيعيدهم إلى الحكم.

السؤال الجوهرى هو متى تستطيع الدولة أو حتى المجتمع المدنى الحقيقى أن يكون له التأثير الأكبر فى المصريين ليس فقط فى أمريكا، بل فى مناطق أخرى بالعالم بدلا من أن يظل هؤلاء المهاجرين أمام خيار مر إما الانتماء إلى أقباط المهجر أو إخوان المهجر؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved