انقسام اليمين القومى فى ألمانيا

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الجمعة 20 فبراير 2015 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

نشرت منظمة صندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة الأمريكية مقالا لتيمو لوكوكى يدور حول صعود تيار اليمين القومى فى ألمانيا متوازيا مع انقسامات وصراعات داخلية، وسط مشهد أوروبى متوتر بسبب الانقسام على الموقف تجاه روسيا على إثر الأزمة الأوكرانية الأخيرة. حيث يشهد اليمين القومى فى ألمانيا صعودا ملحوظا. فاستطلاعات الرأى الأخيرة تشير أن حزب "البديل الجديد لألمانيا" قد يحصد 30 بالمائة من الكتلة التصويتية الألمانية. ويقوم الحزب بالأساس على قاعدة جماهيرية من اليمين الأوروبى الشعبوى، والذى يعد نفسه نصير القومية مقابل السلطة السياسية القائمة الآن فى ألمانيا. وفى الأصل تأسس الحزب كمعارض للحزب الأوروبى، وهو الآن يهاجم ما فعله السياسيون الألمان من جميع أشكال التغيرات الاجتماعية غير المرغوب فيها خلال العقود الأخيرة. كما يلوم الحزب على المهاجرين من ألمانيا وكذلك سياسات الاتحاد الأوروبى التى يرى أنها تعيق مستقبل الأمة الألمانية.

ويوضح الكاتب أن الحزب قد انقسم بسبب خلافات داخلية بين زعيم الحزب بريند لوك والتيار القومى المحافظ. ففى واحدة من القضايا السياسية، يريد التيار المؤيد لزعيم الحزب لوك تبنى بعض مواقف يطالب بها الحزب المسيحى الديمقراطى فقط منذ عشر سنوات. فعلى سبيل المثال، دعا لوك الحزب إلى الالتزام بتعاون عبر أطلسى وأوروبى، واتخاذ موقف مناهض لسياسات بوتين، والتصميم على انفاذ سياسات الهجرة.

فى الوقت نفسه، يريد تيار اليمين القومى المحافظ الأكثر تطرفا، والذى يتزعمه كونراد آدم وألكسندر جايولاند وفروك بيترى، أن يؤسس النسخة الألمانية من القومية الفرنسية. يرون، من وجهة نظرهم، من الضرورى أن يركز الحزب بالأساس على القضايا المتعلقة بالهوية الألمانية والتى تأتى مواقف الحزب المسيحى الديمقراطى أبعد ما تكون عنها. بالإضافة إلى ذلك، يرفض هذا التيار أى تعاون عبر الأطلسى وذلك لتعاطفهم الشديد مع الموقف الروسى تجاه الأزمة الأوكرانية، مقترحين القيام بهجرة انتقائية على أساس الدين. والملفت للنظر أن الخلافات الداخلية لم تؤثر تقريبا على القاعدة الشعبية للحزب؛ حيث ظلت نسبة التصويت ثابتة، من 6 إلى 8 بالمائة، منذ منتصف 2013.


•••

ويشير الكاتب إلى أنه خلال مؤتمر الحزب فى برمين، فى 31 يناير، حل الحزب تقريبا جميع الصراعات الداخلية لصالح لوك، والذى أصبح مرجحا أن يكون زعيم الحزب الوحيد فى نوفمبر القادم. وأشار لوك فى كثير من الأحيان إلى أمرين مهمين فى انتخابات الفيدرالية المقبلة لترتيب الأوراق بعد نزاعاته الداخلية، الأولى أنه ليس من الضرورى التوصل إلى توافق فى بعض القضايا ولكن الأهم الالتزام بالوحدة وعدم الانقسام، وهو ما أدى فى النهاية إلى دعم أعضاء الحزب له.

ومع ذلك، أعرب العديد من أعضاء الحزب عن عدم تقبلهم لحقيقة عدم موافقة الحزب على جميع مقترحات المعارضة، تقريبا. وبالتالى قد رجعوا خطوة إلى الخلف عن المشهد مع تأكيد لوك بتنحيه فى حالة عدم قبول مقترحاته، وهو ما لم يحدث. وقد هدّأ قلقهم على صورة الحزب فى الإعلام الألمانى من استيائهم تجاه تكتيات لوك السلطوية.

انتصار لوك فى المؤتمر العام لحزبه قد يكون باهظ الثمن فى نهاية الأمر. فالمناقشة المحدودة لقضايا الحزب تعنى أن منافسى أنصار لوك قد يكسبون زخما واسعا فى الشهور المقبلة. وبسبب عدم التوافق على نتائج مؤتمر الحزب، سيستمر بعض الأعضاء فى نقد لوك وأسلوبه السلطوى فى قيادة الحزب. متهمين إياه بالتساهل فى ملفات الهجرة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، مقابل الحسم الشديد مع روسيا. حتى فى مؤتمر بريمن، انتقد معارضو لوك، صراحة، أسلوب قيادته وأولويات برنامجه، وسط تصفيق متواصل، برغم احجامهم عن الوقوف أمام مقترحاته.

وينتهى الكاتب إلى أن الصراع من أجل السيادة فى حزب البديل الألمانى لم ينته بعد، وأيا من كان المنتصر ستتحدد أجندة الحزب خلال السنوات المقبلة. حيث سيبين مؤتمرى الحزب القادمين، فى أبريل ونوفمبر، التيار الذى سيسود. هل سيكون التيار التابع للوك المؤيد للولايات المتحدة مقابل المحافظين فى الاتحاد الأوروبى، أم التيار التابع لآدم وجايولاند وبيترى والمؤيد لبوتين مقابل التيار القومى الأوروبى المحافظ؟

ترجمة وإعداد: إسلام أحمد حسن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved