وحيد حامد.. وعتاب بشأن الإخوان والمصالحة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 20 مارس 2017 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

يوم الخميس الماضى، نشرت مقالا بعنوان «جربوا الإفراج عن بعض مسجونى الإخوان»، دعوت فيه إلى مناقشة فكرة الإفراج عن أى إخوانى يثبت أنه برىء أو مريض مرضا خطيرا أو طاعن فى السن وأمس دعوت إلى تحسين ظروف سجن الباحث هشام جعفر بناء علي رسالة تلقيتها من زوجته الكتورة منار الطنطاوي. ومن يومها تلقيت اتصالات ورسائل كثيرة من زملاء وأصدقاء وقراء، يختلفون تماما مع ما كتبته، وبعضهم يتهمنى بأننى أدعو إلى الإفراج عن القتلة والإرهابيين.
أحد هذه الاتصالات كان من الكاتب الكبير وحيد حامد، الذى قال لى: إنه لا أمل فى الرهان على سلمية الإخوان، لأن الطبع يغلب التطبع، وفى رأيه أن جميع قادة الإخوان لم يصدقوا فى أى وعد، لأن العنف متأصل فى دعوتهم ومنهجهم. ذلك أن جمال عبدالناصر أصدر عفوا صحيا عن سيد قطب بعد مناشدات مماثلة، وعندما خرج فإنه قضى نصف الوقت فى رأس البر والنصف الثانى فى حلوان ليدرس كيفية قتل عبدالناصر وقلب نظام الحكم، حتى تم القبض عليه فى قضية 1965 الشهيرة. يقول وحيد حامد: إنه كان يقرأ فى الأيام الأخيرة تفاصيل تحقيقات قضية 1965، وأقوال المرشد الحالى محمد بديع وكان وقتها معيدا فى طب بيطرى، وأقر بكل شىء، ولم يتراجع عن العنف.
يضيف أن السادات أفرج عن كل الإخوان عندما تولى الحكم فى نهاية عام 1970، وجرى التوصل لاتفاقات واضحة محددة، لكنهم ساندوا عمليا «الجماعة الإسلامية» ضده، وانقلبوا عليه فى نهاية حكمه وقتلوه عام 1981.
حسنى مبارك أفرج عن معظم الإخوان بعد توليه السلطة. وسمح لهم بدخول البرلمان والنقابات، وعلى الرغم من ذلك انقلبوا عليه أيضا فى النهاية.
ما سبق ملخص مختصر جدا لمكالمة الأستاذ وحيد حامد. وبعد أن أنهى وجهة نظره، قلت له: أغلب الظن أننى فشلت فى توصيل وجهة نظرى فيما كتبته. فلم أدعُ إلى مصالحة بالطريقة القديمة التى يتبادل فيها الطرفان الأحضان، أو إطلاق سراح شامل لمسجونى الإخوان.
لا أختلف كثيرا مع القناعات التى يؤمن بها حامد، فيما يتعلق بالإخوان، ومبدأ «أستاذية العالم» و«العنف المؤجل» الكامن فى فكرهم، حتى لو أنكروا ذلك انطلاقا من الممارسات على الأرض، ويتعزز عندى يوما بعد يوم أن المتاجرة بالدين سواء كانت إخوانية أو سلفية لدى أهل السنة، أو«زينبيون وفاطميون وحشد شعبى وحزب الله وأنصار الله» لدى أهل الشيعة هى التى أوصلت المسلمين لهذه الحالة البائسة.
لكن كل ذلك شىء وما طرحته فى المقالين شىء مختلف.
تقديرى أن أى إخوانى مسجون يثبت أنه برىء يجب إطلاق سراحه، لأن الانتماء إلى الجماعة ليس تهمة طالما أنه لم يتطور لعمل حركى على الأرض.
قلت أيضا: إن أى إخوانى مريض ينبغى أن يتم علاجه أولا، وإذا كان طاعنا فى السن فالأفضل سياسيا أن يتم إطلاق سراحه، وقلت: إن الحكومة وأجهزة الأمن كسبت كثيرا فى حالة مهدى عاكف الذى تم نقله لمستشفى قصر العينى ومنها إلى مستشفى المنيل وتحسنت حالته إلى حد ما.
تقديرى أيضا أن أى سجين إخوانى كبير فى السن ومريض جدا ينبغى إطلاق سراحه، وليجلس فى البيت، فإذا وافاه الأجل فليمت وسط أهله وليس فى السجن.
ما طالبت به يوم الخميس هو قليل من السياسة، لا أدعو لإطلاق سراح الجميع، فهناك مجرمون ارتكبوا جرائم قتل وحرق وتدمير وتخريب، وهؤلاء مكانهم هو السجن، لكن عندما يكون لديك عشرات الآلاف من المساجين، وعندما تطلق سراح المئات أو حتى كانوا ألفا وألفين لحالات طلاب حتى لا ندمر مستقبلهم أو كبارا فى السن، ولا يخشى منهم فذلك لن يضر الحكومة، بل ربما يفيدها أكثر، وفى كل الحالات فإن أى حالة تشكل خطرا على الأمن لا ينبغى إطلاق سراحها.
السياسة مهمة واحترام حقوق الإنسان واجب، والعمل الإنسانى أهم، وإذا كنت قد تناولت حالة عصام سلطان يوم الخميس الماضى، وهشام جعفر أمس، فهناك حالات إنسانية كثيرة تستحق من الحكومة ووزارة الداخلية إعادة نظر شاملة لأشخاص لا نعرفهم، وأهلهم لا يصلون إلى الإعلام، فربما يكون العامل الإنسانى أحد المداخل المهمة لإشاعة قدر من الهدوء فى المجتمع.. مجرد الهدوء وليس المصالحات المصحوبة بالقبلات والأحضان المسمومة التى جربناها كثيرا وكانت نهاياتها مأساوية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved