عن احتكار الله

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الإثنين 20 أبريل 2015 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

أحيانا تتساءل وذلك ليس من باب التكفير ولا الشك حتى ولكن يأتى التساؤل بناء على كثرة احتكار الله.. فكل يعمل باسمه ويقتل أيضا باسمه ويتكاسل فى عمله ويتصور أن الله معه حتى الزعماء الكبار كان الله معهم عندما دخلوا لاحتلال دول وكأن الله يقف مع الغزاة والمعتدين وسفّاكى الدماء وقاطعى الرءوس ومغتصبى النساء.
تأتيك التصريحات من ذاك الزعيم أو رئيس الدولة التى تزعم بأنها دولة تفصل الدين عن الدولة وتعطى الأمثلة حول ذلك ثم يقف رئيسها ليقول إنه يدخل تلك البلاد البعيدة بجيوشه ليحررها من الطغاة وذلك كله باسم الدين ويأتى بالأمثلة من كتب الدين وآيات من القرآن رغم أنه ليس بالتحديد مسلما.. تمضى سنين ليأتى رئيس بلد آخر ليقول « الله سيكون معنا" وهو ينظر من بعيد لذلك البلد المترامى الأطراف ليس فى الجغرافيا ولكن أيضا فى التاريخ والحضارة، فالفقر لا ينفى حضارة البلد وتاريخها والثراء الفاحش لا يخلق حضارة!!!!
•••
يكبر ذاك الواقف خلف مدفعه أو الحامل لسكينه ويرفع الآيات.. هو الآخر يفعل ذاك باسم الله والخالق الأوحد. يصطفهم جماعات خلف جماعات رثى الملبس والمظهر، مطلقين اللحى والمتمسكين ببعض القشور من الدين ومتصورين أن هذا هو الدين وأن الله معهم فيما يقومون به!!
يقف الانسان العادى، المراقب من بعيد كل ما يجرى باسم الله هو الآخر يتقاعس عن أداء عمله بشكل كامل ويتكاسل ويتثاءب ثم يقول إن الله سيرزقه هو وعياله وزوجاته!! هو الآخر يتصور أن الله يرزق الكسالى والمتكلين على توسل عواطف المارة..
تستقل الطائرة ويأتيك دعاء الركوب فى دول بعيدة أيضا عن الادعاء بأنها تحكم باسم الدين ومع ذلك يكرر الدعاء على السامعين فيسرى بعض الخوف فى قلوب الجالسين المدركين أنه إذا لم تكن الطائرة ولا الطيار على استعداد تام لهذه المهمة ففى ذلك مخالفة للمسئولية أمام الله وأن الله لا يغفر لمن يهملون فى أعمالهم فتضيع حياة الكثيرين رغم إدراكنا أن الإنسان ليس معصوما من الخطأ وإن الكثير منها وارد إلا أن الاتكالية هذه لم تكن قد عششت فى مجتمعاتنا قبل السنوات الأخيرة عندما طغت قشور الدين وضاعت قيمه ومبادئه التى هى أساس الأديان كلها وليس الدين الواحد الذى انتشر باسمه الموت والظلام !!!
•••
تجلس تلك الفتاة الصغيرة التى لم تتعد الخامسة عشرة من عمرها متكومة فى زاوية بغرفة يتسلل لها دفء الشمس الربيعية من شباك واسع تتطلع هى مندهشة من النور فى زمن العتمة بعد أن زوجت لذاك المسن باسم الدين أيضا وكأن الله لم يكرم المرأة فحرم وأدها.. ها هم يعودون ليؤدوها ولكن بطرق مختلفة عن الوأد فى زمن الجاهلية الأولى، فهذا زمن الجاهلية الثانية ربما؟؟!!
على وقع بحار الدم النقية والبريئة ينتهك اسم الله الذى يزين تلك الحيطان الناطقة بقصص ووقائع الموت مع البسملة والتكبير.. نفس هؤلاء هم من احتكروا الله وجعلوه فى صفهم هم فى ظلامهم ومصالحهم الضيقة والشخصية جدا فى الكثير من الأحيان والانتهازية المرحلية والكثير من الحقد حتى يصعب التصديق أن يكون الله مع هؤلاء المليئين بالحقد وكتابه أو كتبه لا تعلم إلا التسامح ونشر المحبة...
وقد يكون من المتفهم بعض الشىء أن يتصور العامة من الناس – وهذا ليس الاستعانة بالله بلا فى مسألة الاتكال عليه كلية – إنهم ودون عمل أو حتى دون جهد سيحصلون على كل شىء مكتفين بأن الله سيكون معهم دوما.. قد نفهم ذلك ولكنه يصعب تفهم أن يحتكر بعض المسئولين من عرب وأجانب الله؛ حيث إنه فى جانبهم دوما مستدلين فى ذلك على أنهم مع الحق الذى هو الآخر اختلفت مفاهيمه واختلطت تفسيراته حتى تُهنا وتعبنا من تفسير أين الحق وما هو ؟؟؟!!
•••
ولكن ألم يحتكروا هم أنفسهم كل شىء فوق الارض ؟؟ فلماذا لا يحتكرون الله أيضا خاصة وهم يدركون حتما أنه لم يأمر بالعدوان والإثم بل بالرحمة والمغفرة.. لقد احتكروا الله فمن منحهم القدرة على ذلك طبعا بعض رجال الدين الواقفين عند أقدام الحاكم على الحق والباطل..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved