صدمة د. سرور

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 20 مايو 2011 - 9:26 ص بتوقيت القاهرة

 «ماذا نقول للعالم الذى انتخبنى 12 عاما متتالية رئيسا للمعهد الدولى للقانون فى الدول الفرانكوفونية؟!».

هذا السؤال وجهه د. فتحى سرور ــ رئيس مجلس الشعب المنحل والمحبوس احتياطيا فى سجن مزرعة طرة ــ إلى الكاتب الصحفى عادل حمودة رئيس تحرير جريدة الفجر قبل أسبوعين.

سرور أجاب بنفسه قائلا: «سنقول له بإذن الله إننى كنت ملتزما بسيادة القانون».

رسالة د. سرور للفجر تؤكد أنه لم يتغير، ومايزال يعيش فى ظلمات عصر مبارك، وربما لا يعلم أن هناك ثورة قد قامت.

يقول الرجل: «ندرت حياتى لخدمة القانون وأنا أستاذ الجيل الحالى من رجال القضاء والقانون، ورأست اتحادات برلمانات العرب وأفريقيا والأورومتوسطى». ثم يسأل مرة أخرى: «هل بعد ذلك ينتهى بى الحال لأكون نزيل طرة»؟!

ويستمر سرور فى الدفاع عن نفسه ــ بعد أن أفاق من الصدمة ــ قائلا: «إنه لا يمكن للقامة القانونية الرفيعة ــ يقصد نفسه ــ أن تنحنى لمخالفة القانون، وأنه كان محقا فى مؤلفاته ببحث ضمانات الدفاع وأن قرينة الأصل هى البراءة».

لن أجادل د. سرور فى القضايا المتهم فيها لأنها محل تحقيق، والمتهم برىء حتى تثبت إدانته، لكن أليس مثيرا للدهشة أن يتصور د. سرور نفسه وكأنه كان يعمل فى كوكب ثانٍ بعيدا عن نظام مبارك.

سنفترض نظريا أن د. سرور برىء من موقعة الجمل، وأن كل ثروته من المال الحلال.. لكن الرجل الذى يصف نفسه بأنه كان ولايزال مثال الاستقامة فى حياته ــ لا يرى أى عيب أو غضاضة فى رئاسة برلمان نظام دمر حياة مصر.

يركز د. سرور على أنه لم يخالف القانون.. ونسأله: إذا كان هناك نظام سياسى زور الانتخابات وحصل على أغلبية مزيفة.. وهذه الأغلبية شرعت قوانين متعددة لصالح أهل الحكم ورجال أعماله.. مثل القانون الذى شجع الاحتكار ولم يمنعه.. فهل عندما احترم هذا القانون أكون رجلا محترما؟!

يا دكتور سرور لم نعد نفهمك: بعد الثورة وقبل دخولك السجن قلت إنك كنت ضد سياسات النظام وضد أحمد عز.. لكنك ظللت الفقيه القانونى ــ ولا نقول الترزى ــ لهذا النظام.

يا دكتور سرور أنت متهم بأنك كنت الأداة القانونية التى جعلت النظام يتبجح بأنه شرعى، يا دكتور سرور: لم نسمعك مرة فى برلمانك ترفض الطوارئ، والمشهد الذى نتذكره لك هو عبارة «سيد قراره» التى أعطت العضوية لمجموعة من المزورين.

لم نسمعك مرة واحدة تطالب بالافراج عن المعتقلين السياسيين، لم نسمعك ترفض التوريث، قلت قصائد شعر فى مبارك ونظامه، واليوم تريد منا أن ننسى كل ذلك.. كيف؟! يا دكتور سرور أنت أسهمت فى صياغة قوانين فاسدة ومررتها بالكلمة الشهيرة «موافقة».. واليوم تقول إنك لم تخالف القانون؟!

نعم أنت فعلا لم تخالف القوانين الفاسدة التى كنت أبرز صانعيها.

يا دكتور سرور: أنت تسأل ماذا تقول للعالم الذى انتخبك رئيسا للمعهد الدولى للقانون، وأنا اقترح عليك أن تقول لهم: «لقد كنت أستاذا كبيرا للقانون.. لكننى تورطت فى خدمة نظام فاسد وفاشل، وأسهمت فى إفساد الحياة السياسية لسنوات طويلة، وأقدم اعتذارى الشديد للشعب المصرى، واتمنى أن يغفر لى كل ما ارتكبته من ذنوب سياسية طوال تلك الفترة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved