ملاحظات على هامش تظاهرة

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الإثنين 20 أغسطس 2018 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

شارك نحو 60 ألفا من فلسطينيى الأراضى المحتلة عام 48 فى التظاهرة، التى دعت إليها «لجنة المتابعة العربية»، يوم السبت قبل الماضى، فى «ساحة رابين» فى «تل أبيب»؛ احتجاجا على «قانون القومية»، الذى أقرته «دولة» الاحتلال، «إسرائيل»، فى يوليو الماضى. إزاء ما يحمله الحدث، هنا، من دلالات سياسية كبيرة، لجأ رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، إلى المعهود من التحريض العنصرى الرخيص؛ حيث هاجم المتظاهرين بالقول: «لقد رفعوا العَلَم الفلسطينى»، وكأنهم ليسوا بفلسطينيين، أو كأن عليهم أن يرفعوا العَلَم «الإسرائيلى». لخص الكاتب اللبنانى، إلياس خورى، دلالات الحدث فى مستهل مقال له، (نقلته صحيفة الأيام الفلسطينية)، بالقول: «حملت التظاهرة تغييرا لافتا قاله العَلَم، فلقد أعلن الفلسطينيون هويتهم الفلسطينية، التى جرى إخفاؤها أو محوها خلف عبارة (عرب «إسرائيل»)؛ وهى عبارة تحمل كل التباسات الحركة الوطنية فى «الداخل»، التى تحايلت بالهوية، التى أُعطيت لها من أجل البقاء، آن الأوان اليوم، للإعلان عن الهوية البسيطة الموجودة فى وجدان كل الفلسطينيين، وحين قال العَلَم هذه الحقيقة الصارخة، فإنه فرض منطقا جديدا ورؤية جديدة تطوى صفحة أوسلو وأوهامه وترد على الضم الزاحف، وموت وهْم حل الدولتيْن». ويجدر، هنا، تسجيل الملاحظات التالية:
أولا، دلالات التظاهرة المذكورة، وما سبقها، وما سيتلوها من فعاليات، فضلا عن دلالات فعاليات مسيرات العودة الكبرى الجارية فى قطاع غزة منذ 30 مارس الماضى، ودلالات التحركات الجماهيرية المتقطعة، التى تشهدها الضفة والقدس، ومخيمات اللاجئين، منذ إعلان القرار الأمريكى بشأن القدس نهاية العام الماضى، تؤكد أن فلسطينيى «مناطق 48» جزء من الشعب الفلسطينى، وهم مع فلسطينيى «مناطق ال67» واللاجئين فى الشتات، شعب واحد؛ وأن تمايز أشكال النضال، تبعا لخصوصيات تجمعات هذا الشعب، يبقى، وينبغى أن يبقى، فى إطار التكامل؛ لانتزاع الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية، وفى مقدمتها حق العودة وتقرير المصير والدولة. إنه التكامل الذى قطع «مسار مدريد أوسلو» سياقه طيلة 25 عاما ويزيد، وكان ينبغى إعادته إلى السكة الصحيحة، بقرار من «المجلس الوطنى» لمنظمة التحرير، فى مايو 1999؛ حيث انتهى العمر الزمنى لاتفاق أوسلو إلى فشل ذريع؛ لكن ذلك لم يحدث؛ حيث تم التمديد الواقعى لـ«المرحلة الانتقالية» فى هذا الاتفاق الفاشل والمُدمر.
ثانيا، إذا كان هذا التمديد، آنذاك، خطأَ سياسيا فادحا، فإنها الخطيئة السياسية عينها أن تتردد وتتلكأ اللجنة التنفيذية للمنظمة فى تنفيذ القرارات، التى اتخذها المجلس المركزى عام 2014؛ وأكدها «المجلس الوطنى» فى دورته قبل ثلاثة أشهر؛ وتقضى بإنهاء تعاقد «أوسلو» السياسى مع الاحتلال، والتحلل من التزاماته الأمنية والاقتصادية، وما ترتب عليه من تنازلات كبيرة مجانية متسرعة. إن تنفيذ هذه القرارات؛ هو ما يوفر الأساس السياسى؛ لاستعادة الوحدة الوطنية بين فصائل العمل الوطنى، ولتوحيد نضالات التجمعات الفلسطينية، فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى فى الوطن والشتات.
ثالثا، والأنكى هو ألّا تتعامل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مع قرارات المجلسيْن «الوطنى» و«المركزى»، كقرارات ملزمة لها؛ بل كتوصيات تتصرف بها كما تشاء. ومتى؟ فى ظل أخطر مرحلة تواجهها القضية الفلسطينية منذ انطلاق الثورة المعاصرة؛ جرّاء ما تشنه، جنبا إلى جنب، وبتوافق كامل وشامل، حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية؛ من هجوم سياسى وميدانى غير مسبوق، عنوانه «صفقة القرن» التصفوية، و«قانون القومية» الإلغائى الإحلالى العنصرى، كخطتيْن متكاملتيْن، أسقطتا، إلى غير رجعة، جميع رهانات إحراز تسوية سياسية «متوازنة» للصراع، فما بالك بالتوصل إلى تسوية تكفل تحقيق «البرنامج المرحلى»؛ أى العودة وتقرير المصير والدولة. أما نتائج سياسة التردد، التى تتبعها، هنا، قيادة منظمة التحرير، فملموسة فى بعثرة جهود المواجهة السياسية والشعبية الدائرة مع الاحتلال، وفى تعميق الانقسام القائم بين «حماس» و«فتح»؛ بل، وفى توسيع هوة الخلافات القائمة بين«فتح» وبقية فصائل منظمة التحرير، أيضا، وإلا ما معنى أن تنضم الجبهة الديموقراطية و«المبادرة الوطنية» إلى الجبهة الشعبية فى مقاطعة دورة «المجلس المركزى»، التى عُقدت خلال يومىْ الثلاثاء والأربعاء الماضييْن؟

الخليج ــ الإمارات
على جرادات

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved