حيرة الإخوان بين السلفيين.. وبقية المجتمع

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 20 ديسمبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بغض النظر عن النتيجة النهائية للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، وهل هى «لا» أم «نعم»، فإن الرئيس محمد مرسى وفريقه الرئاسى، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين، عليهم أن يجلسوا معا فورا، ويجيبوا عن سؤال مهم للغاية يتوقف عليه مستقبل هذه البلاد لفترة طويلة.

 

السؤال هو: هل ينطلق الرئيس وجماعته متحالفين مع السلفيين، أم مع القوى الرئيسية فى المجتمع من المدنيين.. أم أن لديهم طريقا ثالثا لا نعرفه؟!.

 

الإجابة على السؤال ستحدد نوعية وطبيعة المستقبل الذى سنعيشه، وهل يكون مشابها للسيناريو الصومالى أم التركى؟.

 

صار واضحا أن الإخوان فى الفترة الأخيرة كانوا يتخبطون بشأن الطريق الذى سوف يسلكونه، هم بين نارين، السلفيون يشدونهم نحو التطرف، والقوى المدنية تحاول جذبهم باتجاهها، ومن سوء الحظ انهم اختاروا الطريق السهل مؤقتا.

 

المفترض أن الرسالة التى بعثها نحو نصف الشعب المصرى، حينما رفضوا الدستور، قد وصلت إلى الرئيس مرسى وجماعته، لكن لا نعرف كيف سيكون الرد على هذه الرسالة.

 

المنطقى انه لكى تنجح فى قيادة دولة مثل مصر فى مرحلة انتقالية صعبة، ولديك أزمة اقتصادية خانقة ومحيط إقليمى ودولى غير متحمس لك وربما يمارس دورا سلبيا، إضافة بالطبع إلى قوى أساسية فى المجتمع تعارضك، إذا كان هو المشهد، فالطبيعى أن تحاول تقليل عدد الخصوم وليس زيادتهم.

 

الذى حدث بغض النظر عن الأسباب أن الإخوان قرروا التضحية بالجميع واختاروا أسهل حل وهو التحالف مع الرفاق فى الحركة السلفية.

 

سيرد الإخوان قائلين: لقد حاولنا مرارا مد اليد للقوى الأخرى لكنهم رفضوا حتى المصافحة. وحتى إذا كان ذلك صحيحا، فانه ليس مبررا كافيا للتوقف عن المحاولة.

 

حينما تكون فى السلطة فالمفترض أن تتصرف باعتبارك رجل دولة وليس رئيس جماعة أو رئيس ميليشيا، أو قائد حزب، هذا الأمر يرتب عليك أن تحاول طوال الوقت التحاور مع خصومك.

 

لا استطيع تخيل كيف يفكر الإخوان بشأن الخطوة القادمة بعد الاستفتاء، ولا أتخيل المنطق الذى يدفعهم إلى الاستمرار فى زيادة حالة الاستقطاب والمكايدة مع بقية خصومهم. يمكن فهم أن يدخل حزب «الحرية والعدالة» فى ملاسنات مع بعض أو كل الخصوم، لكن الرئاسة ينبغى أن تنأى بنفسها عن هذا الأسلوب.

 

جوهر الأمر مرة أخرى سؤال بسيط على الجماعة أنه تجيب عنه بوضوح حتى تريح نفسها وتريح غيرها: هل هى تريد أن تقود مصر مع بقية المجتمع أم تقوده بمفردها لمشروعها الخاص المتعلق بالخلافة أو أى مشروع شبيه له؟.

 

إذا كانت قد فهمت رسالة الـ«43٪» الأخيرة فالطبيعى أن تبادر وتتصل بالقوى الأساسية فى المجتمع، وتتخذ اجراءات عملية من قبيل الاتفاق على قواعد أساسية فى المستقبل وآليات العمل ومعايير عامة يمكن الاحتكام إليها عند الخلاف.

 

أما إذا «ركبت دماغها» وأصرت على السير فى طريقها الراهن فقط، فعليها ألا تلوم إلا نفسها، وعليها ألا تفرح كثيرا بهذا التحالف الخطر مع السلفيين.. هو تحالف قد يرضى بعض قواعدها المتطرفة، لكنها قد تدفع ثمنه فادحا فى المستقبل، لأنها تقوم بتربية وتسمين «وحش» قد يعضها يوما ما وربما يفترسها!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved