نجاح داعش فشل للإخوان

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 20 ديسمبر 2014 - 8:40 ص بتوقيت القاهرة

تقول جماعة الإخوان انها مختلفة تماما عن جماعة داعش وسائر الحركات المتطرفة، فى حين يصر خصومها على القول بأنه لا يوجد فرق كبير بين هذا وذاك، باعتبار ان كل هذه الجماعات التكفيرية خرجت من رحم جماعة الإخوان الأم التى تأسست عام 1928 فى الإسماعيلية على يد حسن البنا.

خصوم الجماعة يعتقدون ان الإخوان والمتطرفين يتفقان فى القضايا الكلية الرئيسية ويختلفان فى التفاصيل فقط ويعتقدون أن الإخوان يمارسون مبدأ التقية ويحاولون الظهور بمظهر المعتدل حتى يحققوا هدفهم، وان وجههم الحقيقى يعرفه اولئك الذين انشقوا عنها.

اليوم سنفترض ان جماعة الإخوان صادقة فى نفى صلتها بهذه الجماعات المتطرفة، وان الفرق بينهما جذرى وكبير، وبالتالى يكون السؤال هو: أليس هذا التمدد الواسع والمفاجئ لهذه القوى الظلامية مثل القاعدة وداعش وخراسان والنصرة وأنصار الشريعة يعنى فى الأساس فشل جماعة الإخوان فى تقديم نموذج حقيقى لسماحة الإسلام دفع كثيرين إلى الارتماء فى حضن جماعات أساءت بصورة غير مسبوقة إلى سماحة الإسلام ووسطيته واعتداله؟!.

سوف يرد أعضاء وأنصار الجماعة بالقول إن إخراجهم من السلطة عنوة هو الذى أتاح للمتشددين ممارسة العنف بهذا الشكل. والرد على هؤلاء بسيط: نحن نسأل عن الأمر بصورة عامة فى المنطقة العربية بل فى كل العالم الإسلامى: ما الذى دفع إلى ظهور القاعدة وفروعها فى المنطقة رغم وجود منهج الإخوان الذى يقولون انه معتدل؟.

وإذا كان التطرف فى مصر سببه إخراج الإخوان من السلطة، فما هو السبب فى وجود التطرف الذى يمارسه «أنصار الشريعة» فى تونس انطلاقا من جبل الشعانبى رغم ان الإخوان كانوا موجودين فى صدارة المشهد السياسى والحكومة منذ خلع زين العابدين بن على فى يناير 2011 وحتى أيام قليلة مضت؟!.

الحقيقة المؤلمة التى لا يريد الإخوان فى كل المنطقة وليس فى مصر فقط الاعتراف بها انهم فشلوا فشلا ذريعا فى تقديم صورة متكاملة جذابة للناس، وفشلوا أكثر فى ترجمة شعاراتهم البراقة إلى برامج وخطط محددة تصلح من حياة الناس وتدفعهم إلى التقدم.

مرة أخرى سيقول إخوان مصر ان خصومهم لم يعطونهم الفرصة وتآمروا عليهم طوال عام حكمهم، وسنفترض ان هذا الادعاء صحيح، ونسأل السؤال بصورة معكوسة: ولماذا فشلتم فى تقديم نموذج ناجح للحكم فى تونس رغم ان أحدا لم يتآمر عليكم؟! ولماذا فشلتم فى السودان والحكومة التى تتبنى أفكاركم تحكم هذا البلد الشقيق منذ 30 يونيو عام 1989 وحتى هذه اللحظة ولماذا صار الصومال افشل دولة فى العالم تحت هيمنة جماعة الشباب؟!.

اسوأ ما حدث للإخوان منذ نشأتهم انهم نزلوا من برج الفكرة العاجى إلى واقع الحياة الصعب، وما كان يمكن خداع الناس به من شعارات براقة مثل «الإسلام هو الحل» تبين للناس انه مجرد شعار، وان حكم البلدان أصعب مليار مرة من كل الشعارات.

وللموضوعية فإن فشل الإخوان هو مماثل لفشل القوى القومية والليبرالية «واللصوصية» التى حكمت المنطقة العربية طوال السنوات الأربعين الماضية.

الفكرة الجوهرية ان الإخوان لا يريدون ان يعترفوا بالحقيقة المرة وهى انهم جماعة من المسلمين ومجرد فصيل خدع الناس بشعارات دينية براقة وخلط بين السياسة والدين وانتهى به الحال إلى هذه الصورة البائسة بسبب فشله فى تقديم نموذج ناجح للمجتمع، فكانت النتيجة هى هذا النموذج المسخ من داعش وأخواتها، ولن يفرق كثيرا، هل هذه النماذج انتشرت بسبب فشل الإخوان أم بتواطؤ من الجماعة نفسها مع هذه التنظيمات؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved