رئيس فوق كرسى متحرك

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 21 أبريل 2014 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فى شهر فبراير قبل الماضى زرت الجزائر الشقيقة وكان هناك مؤتمر صحفى للرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء المصرى الأسبق الدكتور هشام قنديل. وتم التنبيه على الصحفيين بأنه لن يسمح إلا بسؤالين سريعين فقط، الأول من جانب الصحفيين المصريين والثانى من جانب زملائهم الجزائريين، لأن الرئيس بوتفليقة لا يستطيع الوقوف على قدميه طويلا.

الآن الرئيس لم يعد قادرا على الوقوف أصلا،ودخل لجنة انتخابات الرئاسة على كرسى متحرك، ما يمثل أسوأ دعاية ممكنة ضد الجزائر وشعبها ورئيسها ومستقبلها.

عندما يدخل بوتفليقة اللجنة الانتخابية على كرسى متحرك فإن الأمر لا يحتاج إلى محلل سياسى أو خبير استراتيجى ليقول لك أى مستقبل مظلم ينتظر البلاد والامة.

كنت أنوى الكتابة عن دلالة الانتخابات الرئاسية فى الجزائر والتى فاز فيها بوتفليقة بولاية رابعة بنسبة 81٪، لكن الكاتب الغامض «نيوتن» فى الزميلة «المصرى اليوم» كتب كل ما كنت أريد كتابته وربما بصورة أفضل تحت عنوان «انتخاب رجل ميت» فى عدد أمس الأحد.

فى لحظات كثيرة يسأل المرء نفسه سؤالا بديهيا، هو هل يمكن ان تصاب مؤسسة دولة بكاملها بحالة عمى كاملة بحيث انها تعجز عن رؤية الواقع، وكيف يفكر عموم الناس خصوصا الشباب؟!.

والسؤال الثانى: هل مكتوب على الجزائر وبعض دول المنطقة ان يحكمها اما رئيس على كرسى متحرك أو رئيس قادم من تيار التطرف الدينى.. أليس هناك تيارا أو طريقا ثالثا بين الاثنين؟!.

لننسى التيار الثاث الذى يعتبره البعض بأنه ستار للإخوان أو الغرب وأمريكا، ونسأل: ألا يوجد وجه جديد فى الجزائر كان يمكن تقديمه بديلا لبوتفليقة؟. هل عدمت الجزائر ــ هذ البلد العريق ــ وجود شخص واحد من داخل مؤسسة الحكم أو حتى جنرال سافر من الجيش كى يحكمها.

اقدر دور بوتفليقة التاريخى وما قدمه لبلده وأمته، لكن سنة الحياة ان الرجل كبر فى السن وصار مريضا ومعظم وقته يقضيه فى المستشفيات.

وإذا كانت هناك أجهزة ومؤسسات هى التى تحكم، ألم يكن هناك شخص فى كامل صحته أو حتى فى نصف صحته أو ربعها ليحل محله؟!.

بكل تأكيد فإن الجزائريين أكثر شعب فى المنطقة العربية وربما فى العلم بأسره يعرفون الثمن الفادح للتطرف باسم الإسلام، لأنهم خسروا أكثر من مائتى ألف قتيل فى «العشرية السوداء» التى اعقبت وقف المسار الانتخابى فى بداية التسعينيات من القرن الماضى، وبالتأكيد هم لا يريدون العودة إلى هذا الماضى الأليم لانهم لايزالون يدفعون الثمن حتى هذه اللحظة.

لكن السؤال المنطقى: هل التمديد لبوتفليقة فى انتخابات أقرب إلى الاستفتاء هى الحل الأمثل لمنع عودة الإسلاميين؟.

المؤكد ان هناك طرقا عديدة أخرى بديلا لممارسة الحكم من فوق كرسى متحرك؟.

لماذا لم نفكر حتى فى الطريقة الإيرانية؟!.

هناك نظام لولى الفقيه، حيث يتم انتخاب الرئيس وكل مجلس النواب عبر «فلترة» من مجلس تشخيص مصلحة النظام، لكن المظهر من الخارج يبدو ديمقراطيا وبراقا وقادرا على تجديد نفسه كل فترة.

هل صرنا كعرب عاجزين حتى عن التمثيل والتظاهر الجيد بأننا ديمقراطيون؟!.

لا نطمح الآن فى ديمقراطية مباشرة فى الجزائر والمنطقة على النمط السويدى أو البريطانى، لكن المؤكد ان الحكم من فوق الكراسى المتحركة هو أفضل خدمة يمكن تقديمها للإخوان وكل أعداء الوطن العربى الكبير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved