هارفارد.. لماذا كانت الضجة؟

نادر بكار
نادر بكار

آخر تحديث: الخميس 21 يوليه 2016 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

قبل عام تقريبا من الآن كنت أتابع اللغط الذى أثير حول خبر سفرى لدراسة الماجستير بجامعة (هارفارد).. كنت أنا مصدر الخبر مستبقا أى (تكهن) إعلامى حول طبيعة تواجدى بالولايات المتحدة الأمريكية فى هذا التوقيت.. تبين بعد ذلك أنى لم أكن دقيقا فى وصف ما كان سيجرى بـ(التكهنات).. حملة إعلامية منظمة شنتها بعض الفضائيات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعى؛ لا فارق فى التغطية بين(الإخوانية) منها أو (القومية، الليبرالية، إلخ) لكن الغريب أنها كانت متناقضة تماما فى تفسير سبب قبول «نادر بكار» للدراسة فى «هارفارد».. متناقضة إلى حد ٍيثير السخرية.. وبعد السخرية يدرك المتابع العاقل أن السبب الحقيقى للنقمة مختلف عما ذكره الطرفان.. مختلف تماما!

**************************

(١) لماذا التزمت الصمت؟

كنت أعلم أن الرد على الآلة الإعلامية فى مصر على اختلاف ميولها يستنزف طاقة آثرت أن أدخرها لهدف ٍأكبر.. قدّرت أنى سأرد يوما لكن فى التوقيت والمناسبة التى أختارها لا التى تُفرض على.. قرار أيقنت أن له تكلفته، سيجعلنى أشاهد بنفسى حملة التشويه والاغتيال المعنوى تجرى على قدم وساق وأنا لا أراوح مكانى ولا أحرك ساكنا للدفاع عن نفسى.. البعض تخطى ذلك ليرسل بنفسه إلى الجامعة ليثنيها عن قرار قبولى.. تابعت ذلك كله، وعزمت على مقاومة كل ضغط ينبع من نفسى أو من أصدقائى ومن يهمهم أمرى وقد استفزتهم حملات (الكراهية) إلى أقصى حد.. ردى كان عمليا بعد عام.. التخرج من برنامج الدراسة بتفوق والتكريم بين مئات الطلبة من مختلف الجنسيات.. الطريف أن صورة (السلفى) بروب التخرج و(هارفارد) تكرمه قد أزعج أعدادا أكبر من التى نقمت على ابتداء.

**************************

(٢) محاولة للفهم

كنت مدركا منذ لحظة ظهورى الإعلامى الأول قبل خمس سنوات من الآن، أن ثمة صورة نمطية (stereotype) سلبية يصر البعض على تصديرها للمشاهد العادى عن (الإسلاميين) بشكل عام و(السلفيين) منهم بالأخص.

والحقيقة أن كثيرا من ممارسات من يوصفون (بالإسلاميين) كانت مشجعة على هذا (التعميم) المُجحف سواء قصدوا ذلك أم لا.. (الإخوان) على سبيل المثال ظنوا أن باستطاعتهم الاستفادة من وجود (الآراء الشاذة) وغياب (اللياقة الذهنية) وأحيانا كثيرة (الذكاء الاجتماعى) عند بعض أفراد الفصائل الإسلامية الأخرى؛ للتدليل على أنهم هم ــ أى الإخوان ــ الطرف الأعقل والأجدر بتمثيل أى فكرة إسلامية وإلا كان البديل تعصبا وتزمتا وجمودا ومن ثم تطرفا وإرهابا يكتوى منه العالم بأسره... انقلب السحر على الساحر فى مناسبات عديدة ليس هنا مكان ذكره.

الاتجاهات الأخرى التى كانت تصر على تصدير صورة (السلفى) محاطة بأوصاف تُنفر أى عاقل من متابعتها؛ كانت لها فى ذلك أهداف كثيرة.. بعضهم كان متأثرا بالفعل (بفتوى) من هنا و(رأى شاذ) من هناك وتملكه خوف حقيقى على بلاده وأمته لو سيطرت عليها عقلية كهذه التى رسم صورتها فى ذهنه.. وبعضهم كانت المسألة فى صميمها تتعلق بمصلحته الشخصية لا أكثر ولا أقل.. وبصفة عامة فقد صرت مقتنعا أن أطرافا كثيرة ترتبط مصالحها ببقاء كثير من مشكلاتنا كما هى دون حل.. كثيرون سيضرهم بشدة وجود تيار سلفى (عقلانى).. كثيرون ستكسد بضاعتهم لو اختفت الفتن الطائفية.. كثيرون سيتوقف نشاطهم لو حلت مشاكل النوبة وسيناء وغيرهما.. كثيرون لن يسبق اسمهم ذلك التعريف الهلامى (خبير الحركات الإسلامية) لو اختفت تلك الحركات الإسلامية أو انتهى التفزيع منها.. وقس على مثل ذلك!

لذا كان حصول شاب ٍإسلامى التوجه على درجة علمية رفيعة من أعلى جامعات العالم قدرا إثبات عملى أن الخصومة بين السلفية والحداثة هى خصومة متوهمة فى أذهان الكثيرين وثنائية مزعومة فى أذهان غيرهم.. ولهذا تحديدا مقال قادم إن شاء الله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved