لماذا ينجح الإخوان.. بناء الفرد

مصطفى النجار
مصطفى النجار

آخر تحديث: الجمعة 21 سبتمبر 2012 - 8:45 ص بتوقيت القاهرة

تكتفى كثير من القوى السياسية بالهجوم المستمر على جماعة الإخوان المسلمين وحزبها دون أن تبذل نفس الجهد للتعرف على طبيعة الإخوان وسر تميزهم التنظيمى، الذى انعكس على نتائجهم الإيجابية فى كل الانتخابات التى يخوضونها حتى تندر أحدهم قائلا الطريق الذى فى بدايته انتخابات يكون فى نهايته الإخوان!

 

●●●

 

ولمواجهة أى منافس سياسى لابد من الدخول لتفاصيله والتعرف على آليات عمله للاستفادة من نقاط تميزه وتجنب نقاط ضعفه، وأركز فى هذا المقال على جانب إعداد الفرد داخل الإخوان.

 

تبدأ عملية إعداد الفرد الإخوانى بمحو الأنا الشخصية أو ما يعرف بال ego، وتحويل هذا الايجو الشخصى إلى ايجو جماعى يقدس قيمة العمل فى جماعة ويعلى قيمة فريق العمل، بحيث يقتنع الفرد أنه من غير العمل الجماعى لن يستطيع فعل أى شىء. ويتم ذلك من خلال الرقائق الإيمانية التى تعنى بالتواضع والإخلاص وعدم الرياء وكراهية التصدر أو التطلع لأى مسئولية أو منصب.

 

حتى نظام الانتخابات الداخلية بجماعة الإخوان لا يصح فيه أن يرشح شخص نفسه لأى منصب، لأن طالب الإمارة لا يولَى، ويتم عمل الانتخابات بقاعدة الكل مرشح والكل منتخب بحيث تقوم كل مجموعة بكتابة اسم الشخص الذى ترشحه من تلقاء نفسها بتزكيتها له دون معرفته بذلك إلا بعد إعلان النتيجة.

 

●●●

 

مراحل ترقى الفرد داخل الإخوان تمر بمراحل، تبدأ من المحب وهو الشخص الذى يتم عمل دعوة فردية معه (مفهوم الدعوة الفردية يعنى دعوة الشخص إلى الالتزام الدينى وتقريب فكر الجماعة إليه بالتدريج) من خلال عضو أقدم بالجماعة، ثم ينتقل لمرحلة المؤيد وهو الشخص الذى يتم اختياره من دائرة الدعوة الفردية للانضمام للجماعة ويتلقى منهجا دينيا تربويا عاما يتم التركيز فى نهايته على ضرورة العمل الجماعى من أجل نصرة الإسلام وإقناعه بأن الدعوة إلى الله من خلال الجماعة فريضة شرعية وضرورة بشرية، وإذا اجتاز الفرد هذا المنهج يتم إدخاله فى دورة إعداد مكثفة للتصعيد لينتقل للمرحلة الثالثة وهى المنتسب وهى أول مرتبة يصبح فيها الفرد عضوا حقيقيا فى الجماعة، وبعد فترة تبدأ من سنة إلى سنتين ينتقل للمرحلة الرابعة وهى المنتظم، الذى يتحول بعد عدة سنوات إلى المرحلة الخامسة وهى الأخ العامل.

 

ويبدأ الفرد فى دفع الاشتراك الشهرى لصندوق الجماعة من مرحلة المنتسب وتكون مشاركته بنسبة تتراوح من 5% من إجمالى دخله وأحيانا تصل إلى 10% فى حالات احتياج الجماعة إلى دعم مالى أكبر فى وقت الانتخابات أو وقت الاعتقالات التى كانت تتم بانتظام لأفراد الجماعة قبل الثورة.

 

لكل مرحلة من المراحل الخمسة مناهج تربوية مختلفة يتم تدريسها بواسطة مسئول الأسرة الإخوانية أو المربى، وتتكون الأسرة الإخوانية من 5 إلى 10 أفراد فى الغالب ويتابع مسئول الأسرة أعضاءها تربويا وروحيا بالإضافة إلى متابعة توظيفهم فى العمل التنظيمى داخل الجماعة. وطبقا لتقييمات مسئول الأسرة بالاشتراك مع قسم التربية فى الشعبة والمنطقة يتم تحديد مستوى العضو واستحقاقه للتصعيد من مرحلة إلى اخرى، وكذلك تحديد حجم المسئوليات التنظيمية التى يتم تكليفه بها.

 

التصعيد داخل جماعة الإخوان لا يتم بشكل تلقائى بل انتقائى من قبل قسم التربية، بمعنى أن هناك أفرادا قد يظلون فى مستوى معين لا يتجاوزونه لفترات طويلة أو مدى الحياة، ومع ذلك يتم توظيف هؤلاء الأفراد طبقا لطاقتهم ولا يتم الاستغناء عنهم أو نبذهم خارج الجماعة.

 

●●●

 

بالطبع ليس هذا هو النموذج الأمثل لتكوين الفرد بما يحتويه من سلبيات كثيرة ولكننا نركز فقط هنا على الجوانب الإيجابية للاستفادة منها:

 

أولا: أهمية تغليب الأنا الجماعية على الأنا الفردية دون قتل لطموح الشخص وقدراته، وتمكينه وتقديمه طبقا لمواهبه وتميزه مع استمرار عمله كلاعب أساسى فى فريق العمل بحيث لا نقمع تفوقه ونعاقبه عليه، وفى نفس الوقت لا يقدم مصلحته وطموحه الشخصى على المصلحة العامة فالطموح الشخصى وتحقيق الذات مشروع ولكن ضمن إطار تحقيق المصلحة العامة.

 

ثانيا: ضرورة الانتقاء عند بناء الكيانات المنظمة دون اقصاء أو تمييز، ولكن فى نفس الوقت دون أن نحول الكيان إلى بيت مفتوح الأبواب بلا أى ضوابط ولا معايير مما يتسبب فى دخول بعض الأفراد المدمرين للكيان بسبب الحرص على التجميع وزيادة الأعداد دون النظر فى جودة الأشخاص وصلاحيتهم للانضمام للكيان وحمل فكرته.

 

ثالثا: ضرورة مراعاة مبدأ التدرج واستكمال أدوات التكوين، كما يقول الإمام الشافعى (إذا تصدر الحدث فاته خير كثير) فالتعجل فى التصدر دون بناء الشخصية ومقوماتها وامتلاك الحد الأدنى من المعرفة والممارسة الميدانية يفرز نماذج مشوهة تنفر الناس من الفكرة والمشروع.

 

رابعا: إشكالية التمويل التى تواجه كل الكيانات السياسية يجب الاستفادة فيها من تجربة الإخوان الذين يلتزم أفرادهم بدفع الاشتراك الشهرى، الذى يضمن للجماعة موارد مالية كبيرة تستطيع بها تمويل كل أنشطتها وأيضا تحقيق نسبة من التكافل الاجتماعى بين أفرادها فى وقت حاجتهم، ولذلك يجب أن يشارك كل عضو فى أى كيان فى تمويل هذا الكيان ولا يتم الاعتماد على عدد محدود من الممولين لأن هذا يؤدى إلى انهيار الكيان ماديا وتعثره.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved