دموع أم علاء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 21 ديسمبر 2011 - 8:50 ص بتوقيت القاهرة

كل من شاهد والدة الشهيد علاء عبدالهادى، وهى تشاهد للمرة الأولى لقطات كيف استشهد ابنها، أظن أنهم بكوا ولم يستطيعوا منع دموعهم من الانهمار خلال متابعتهم لبرنامج «آخر كلام» للزميل يسرى فودة على فضائية «أون تى فى» مساء الاثنين الماضى.

 

وأظن أيضا أن كل من فى نفسه ذرة كرامة أو نخوة أو رجولة أو آدمية قد شعر بحالة من القهر والغيظ وربما العجز، وهو يشاهد صورة أو فيديو الفتاة التى تم سحلها وتعريتها فى ميدان التحرير.

 

كل التبريرات المنطقية وغير المنطقية، وكل الحجج والوقائع الصحيحة والمفبركة تسقط وتنهار أمام لقطة الفتاة أو صورة أى شهيد قد يكون الشهداء أو «المسحولين» خالفوا القانون.. كان يفترض أن نحاكمهم لا أن نقتلهم.

 

وبالتالى ومن باب الخوف على مصر ومستقبلها، انصح صادقا كل المسئولين فى المجلس العسكرى والحكومة وأجهزة الأمن أن يسارعوا بتقديم اعتذار واضح وصريح لكل الشعب، وأن يتم تحقيق عادل وعاجل ونزيه فى كل الجرائم والفضائح التى تمت فى الأيام الأخيرة.

 

من حق المجلس العسكرى أن يرى معارضه أقلية، ولديهم أجندة ويتم تمويلهم من كل جهات الأرض الأربع، لكن ليس من حقه أن يقتلهم، عليه أن يحاكمهم، ثم أن عليه أن يتذكر أن الثورة عندما قامت كان المتظاهرون أقلية ولم يتخيل أحد أن يتم إسقاط مبارك خلال 18 يوما.

 

النصيحة للمجلس الأعلى أن يتريث ويتوقف لدقائق بسيطة كى يفكر فى الخسارة المعنوية والأخلاقية الرهيبة التى لحقت به خلال الأسبوع الأخير. كل ما قاله اللواء عادل عمارة فى مؤتمره الصحفى ظهر الاثنين الماضى لا يساوى دمعة واحدة فى عيون والدة شهيد، كل ما ساقه من مبررات وحجج ووقائع وبراهيم واعترافات لمتهمين، لا يصمد أمام صورة الفتاة المسحولة والمتعرية قسرا.

 

فى السياسة ــ ويفترض أن المجلس العسكرى يدرك ذلك ــ يمكنك أن تكون على حق أو لديك وجهة نظر، لكن غلطة واحدة صغيرة يمكنها أن تجعلك تخسر كل المعركة أو القضية.

 

الرسالة الوحيدة التى وصلت إلى مصريين كثيرين فى الأسبوع الماضى هى أنهم ثاروا ضد أساليب قمع وقهر حبيب العادلى، ثم فوجئوا بأن الجنود الذين يفترض أن يحموهم يقومون بقتلهم وسحلهم وتعرية بناتهم والتبول عليهم فى مشهد، لم يجرؤ عليه أشد البشر شذوذا.

 

لماذا لم يخرج مسئول واحد ليقول لنا إنه تم التحقيق ومعاقبة الجندى الذى تبول علنا على المتظاهرين، أو الذى سحل البنات.. ليس ذلك ضعفا، لكنه دليل على الإنسانية والتحضر والرقى.

 

كثير من المصريين كانوا ينظرون بتقدير واحترام للمجلس العسكرى حتى قبل أحداث محمد محمود وشارع قصر العينى، ثم فوجئوا أن حبيب العادلى مسجون لكن أساليبه حية وتلاميذه تفوقوا عليه.

 

قد يكون هناك بلطجية اندسوا وسط الثوار، وقد تكون هناك أطراف حاولت استغلال اعتصامهم، وقد يكون بعض الثوار أنفسهم قد خالفوا القانون، لكن كل ذلك لا يبرر القتل والسحل والتعذيب والإهانة.

 

يا أيها الجالسون فى المجلس العسكرى، لا تصدقوا مستشارى السوء الذين ينصحوكم بقتل معارضيكم، وتشريدهم، اسألوا خبراء ومستشارين محايدين عن الأضرار التى لحقت بكم وبالجيش وبمصر بسبب الأحداث الأخيرة.

 

ما تزال هناك فرصة، اعتذروا بشجاعة لشعبكم وحققوا مع المجرمين، واكشفوا الطرف الثالث ــ إذا كان موجودا ــ والأهم سارعوا بنقل السلطة لمجلس الشعب المنتخب، لأنه ثبت أن السياسة الراهنة تجلب لنا كارثة كل يوم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved