مستصغر الشرر.. يتكاثر

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 21 ديسمبر 2012 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

يقولون إن «معظم النار من مستصغر الشرر».. ورغم أن هذا الشرر صار كثيرا، فإن معظمنا لا يريد أن يراه وربما «يطنش» عليه وينفخ فيه.

 

مرة أخرى ــ ويبدو أنها لن تكون الأخيرة ــ فإننا نسير بخطى سريعة نحو تحويل الصراعات السياسية إلى معارك مسلحة، لا أحد سيكسب منها إلا الاعداء المتربصون بنا.. الصهاينة على الحدود واللصوص والفاسدون داخل الوطن.

 

ما معنى أن يتم القبض على ناشط سلفى وفى منزله ذخيرة وسلاح آلى، وما معنى أن يدخل حارس القيادى الإخوانى خيرت الشاطر لجنة الاستفتاء على الدستور ومعه سلاح غير مرخص.

 

والأخطر كيف لا ننتفض لهذه التطورات، وكيف يحاول الجميع التعتيم على الأمر بل و«الطرمخة» عليه والنفخ فيه؟!.

 

لا أتهم احدا ولا استبق نتائج التحقيق وربما يكون المتهمان بريئين، لكن أتحدث عن الأجواء.

 

كيف يمكن تبرير وشرح قيام مجموعة من السلفيين بمحاصرة واقتحام مكتب رئيس نيابة مدينة نصر لإجباره على اطلاق سراح أحمد عرفة، وإلا دمروا كل شىء؟!.

 

والسؤال الثانى: إذا صح أن عقيد الجيش المتقاعد قد أعطى خليل اسامة سلاحه الشخصى لكى يصلحه، فلماذا لم يذهب به مباشرة لمكتب التصليح، ولماذا دخل به اللجنة، والأهم لماذا لم يذهب العقيد مباشرة للمكان المرخص الذى سيصلح به سلاحه؟!.

 

مرة أخرى: قد تكون الرواية صحيحة، لكن كيف وصل بنا الحال إلى هذا الدرك الاسفل من الفوضى والانفلات؟!.

 

كيف لا تنتبه جماعة الإخوان والحكومة ورئاسة الجمهورية وكل من يهمه الأمر إلى خطورة الكلام عن تسلح الجميع.

 

القضية ليست مسدس خليل اسامة أو البندقية الآلية لأحمد عرفة.. الموضوع أكبر وأخطر.

 

كثيرون لمحوا مؤخرا إلى التسلح ولم يخرج علينا مسئول ليهدئ بالنا ويشرح لنا الحكاية؟.

 

قبل شهور طويلة هدد الفلول فى الصعيد بحرق مصر إذا تم عزلهم سياسيا.

 

وقبل أيام قليلة سمعنا من قادة التيار الاسلامى عن «ملايين المرابطين» المستعدين للموت من أجل الرئيس مرسى وشرعيته.

 

وما بين هؤلاء وأولئك فإن ترسانات ضخمة من الاسلحة تدخل مصر من كل الجهات تقريبا، خصوصا من ليبيا، هى اسلحة تخص جيوشا كبرى وليس أفرادا، حيث سمعنا عن صواريخ مداها 40 كيلومترا.

 

صواريخ مضادة للطائرات وأخرى للدبابات وأسلحة آلية من كل الاصناف.

 

كنا نعتقد انها موجهة لمقاومة العدو التاريخى والكبير لنا فى فلسطين المحتلة، ثم فوجئنا أولا أن بعضها مخزن فى مدن الدلتا وسيناء، ثم تطورت الأمور إلى أن بعضها يتم استخدامه ضد الجيش والشرطة والدولة بأكملها فى سيناء.

 

ومن يحلل اللغة التى يتحدث بها بعض السلفيين فقد لا نستبعد قريبا ان تطلق مجموعة متطرفة صاروخا من الجيزة على القاهرة.

 

السؤال الآن من خلال تحول العنف اللفظى إلى بدنى، ومن خلال كثرة ضبط السياسيين وهم يحوزون اسلحة غير مرخصة، وبعد الدم الذى سال امام الاتحادية، وبعد «البلطجة» التى يمارسها الجميع، فى جميع الاتجاهات.. السؤال هو: ما هى الخطوة التالية؟!.

 

بهذا المنطق الذى لا يرضى به الجميع الاحتكام إلى قواعد وآليات سلمية قانونية، وفى ضوء عجز الحكومة والمعارضة عن الوصول إلى حل وسط، فإن لحظة الانفجار الكبير تبدو قريبة جدا.

 

يا أيها الجالسون على مقاعد الحكم والمسئولية: انتبهوا استمرار صمتكم عن عسكرة الخلافات يعنى انكم تقودونا إلى الهاوية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved